معركة أولي البأس

خاص العهد

رفع الدعم الكلي عن المازوت بلا خطة
18/09/2021

رفع الدعم الكلي عن المازوت بلا خطة "بديلة"..المزيد من التآكل في القدرة الشرائية

يتّفق كثر من أهل العلم والاختصاص في الساحة الاقتصادية والمالية على أنّ سياسة الدعم للمحروقات والسلع الأساسية خاطئة. تلك السياسة أدّت وعلى مدى سنوات الى هدر كبير بمئات ملايين الدولارات ذهبت الى جيوب تجار وكارتيلات استولت على "الأخضر واليابس" كما يقال. إلا أنّ رفع الدعم دون أن تسبقه خطّة "بديلة" يترك تداعيات واسعة على المواطن العادي والعديد من المؤسسات لا سيّما في ما يتعلّق برفع الدعم عن المحروقات وخصوصًا المازوت، تلك المادة الحيوية التي لا نبالغ اذا قلنا إنها "عصب" الصناعة اللبنانية. وعليه، فإنّ رفع الدعم عن هذه المادة دون وجود خطّة بديلة -خصوصًا مع بيع هذه المادة بالدولار النقدي كما حصل أمس الجمعة- سيحمل بطبيعة الحال انعكاسات واسعة لن تسلم منها حتى ربطة الخبز. 

الأسمر: رفع الدعم سيؤدي الى تباطؤ الحركة الاقتصادية إن لم يكن توقفها كليا 

رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر يلفت في حديث لموقع "العهد" الإخباري الى أنّ رفع الدعم عن المحروقات دون وجود خطة بديلة يشكّل كارثة بحد ذاتها، وهذا ما حذّرنا منه قبل أشهر. وفق الأسمر، فإنّ رفع الدعم عن المازوت ولاحقًا البنزين سيؤدي الى تباطؤ الحركة الاقتصادية إن لم يكن توقفها كليا.

رفع الدعم الكلي عن المازوت بلا خطة "بديلة"..المزيد من التآكل في القدرة الشرائية

ويلفت الأسمر الى أنّ رفع الدعم كان يجب أن لا يتم الا بوجود بطاقة تمويلية توازي حجم الكارثة لا كالتي نراها اليوم. وفق حساباته، فإنّ البطاقة التمويلية الحالية بقيمتها وعدم وضوح الرؤية حولها لجهة استمراريتها من عدمها لا تؤدي المطلوب منها بهذه المرحلة الاقتصادية الصعبة ما أوصلنا الى المحظور. وهنا يشير الأسمر الى أنّ الحركة الاقتصادية اليوم متوقّفة وبطيئة فكيف اذا أصبحت صفيحة البنزين بحوالى 300 ألف ليرة؟ علمًا أنه من غير الواضح كيفية تركيب جدول أسعار المازوت والبنزين لتحديد نسب الأرباح التي تجنيها الشركات محدودة العدد والتي تبغي الربح ولا شيء سواه لعدم وجود رقابة فعلية للدولة ولعدم سماح الدولة للآخرين بالاستيراد أو لعدم دخولها كشريك مضارب مع ما لهذا الأمر من أهمية.

رفع الدعم الكلي من دون وجود خطة بديلة سيؤدي الى كارثة حتمية

ويشدّد الأسمر على أنّ رفع الدعم الكلي من دون وجود خطة بديلة سيؤدي الى كارثة حتمية في مختلف المجالات ومنها ربطة الخبز التي يحكى عن زيادة سعرها 20 بالمئة، تمامًا كما يحكى عن زيادة تسعيرة كافة المواد الاستهلاكية التي تبيّن التقارير أنها قد ترتفع 20 بالمئة. أكثر من ذلك، يلفت الأسمر الى أنّ عملية تزويد المواطن بالمياه ستصبح مكلفة جدًا، حيث ستكون مؤسسات المياه في حالة عجز فوق الطبيعة، فيما ستتضاعف أسعار المياه في السوق البديل حيث يبلغ سعر الـ20 الف ليتر مليونًا و400 ألف ليرة. 

أما المواد الأساسية التموينية فجزء كبير منها مفقود من الاسواق، فيما تفتقد الكمية الموجود للجودة بحيث نرى "علامات تجارية" غير معروفة المصدر وسط ازدياد حالات التسمم. وفي ما يتعلّق بالجانب الدوائي، يطالب الأسمر بضرورة إقرار بطاقة دوائية للمواطن تضاف الى البطاقة التمويلية، فالأدوية المزمنة مفقودة من السوق، والوكلاء يقولون إنّهم لا يقدرون على الاستيراد فيما يتأخر مصرف لبنان عن فتح الاعتمادات حتى في أدوية الـotc التي من المفترض أن يفتح لها مصرف لبنان اعتمادات بعدما تقرر لها تخصيص 50 مليون دولار شهريًا. 

وفي الختام، يرى الأسمر أنّ الحياة تكاد تصبح مستحيلة في ظل رفع الدعم بلا بدائل. 

بكداش: توقف السوق السوداء مع رفع الدعم غير مضمون

من جهته، نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش يستهل حديثه بالإشارة الى أنّنا لسنا مع رفع الدعم ولكن عندما يوصل دعم المواد الغذائية والدوائية والنفطية البلد الى الإفلاس بعدما توسّع حجم التهريب والسوق السوداء فإننا نؤيّد مئة بالمئة رفع الدعم. وعليه، يرى بكداش أنّ رفع الدعم طبيعي جدًا وسط الأوضاع التي وصلنا اليها، لكن بطبيعة الحال يجب أن يكون مقابل هذه الخطوة ما يحفظ للمواطن كرامته. تلك الكرامة التي باتت في "الأرض" مع وقوف المواطن أمام المحطات لساعات وساعات في ظل رقابة فاشلة جدًا بموضوع التهريب إضافة الى ما يحصل في السوق السوداء ما يجعلنا مع رفع الدعم رغم أنها خطوة يدفع بموجبها المواطن والصناعة الثمن. 

لكن بكداش يعرب عن خوفه من عدم توقف السوق السوداء حتى مع رفع الدعم. طن المازوت المدعوم كان يباع بـ150 دولارا، وغير المدعوم بـ570 دولارا، أما في السوق السوداء فسجّلت أسعاره 1100 دولارا، فما الرادع اليوم ليشتري هؤلاء المتلاعبون بالسوق الأطنان من الشركات بـ570 دولارًا ويبيعوها بـ1100 دولار؟ يسأل بكداش الذي يلفت الى أن ثمّة رؤوسًا كبيرة تقف وراء "المافيات" التي تنهب الشعب.

رفع الدعم عن المازوت سيزيد كلفة المنتج الصناعي 

يُبيّن بكداش في حديث لموقعنا أثر رفع الدعم عن المازوت على الصناعة بالإشارة الى أنّنا في الماضي كنا نستعين بمولدات الكهرباء من 5 الى 6 ساعات في النهار، أما اليوم فالمولدات تعمل ما بين 22 الى 24 ساعة، وعندما نشتري طن المازوت بـ570 دولارا سيزيد هذا الرقم على الكلفة، فكلفة الطاقة والمحروقات تدخل في كلفة المنتج الصناعي وتتراوح نسبتها بين 5 و40 بالمئة.

 إلا أن المشكلة الكبيرة -برأي بكداش- تكمن في شراء بضاعة التوضيب سواء كانت ورقًا أو كرتونًا أو زجاج بلاستيك. كلفة الطاقة تشكّل 40 بالمئة من كلفة هذه البضائع، ما سيزيد أسعارها 20 بالمئة، وهذا يعني زيادة أخرى تلحق بالمنتح الصناعي. وهنا يوضح بكداش أنّ المشكلة الأكبر تكمن في مصانع المواد الغذائية التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة والتي تستهلك يوميًا 10 أطنان  مازوت ما سيزيد كلفة الكهرباء والطاقة بحدود الـ20 بالمئة، الأمر الذي سينعكس على أسعار المواد الغذائية. هذا بالنسبة للمازوت، أما البنزين فثمّة مشكلة أخرى أيضًا تتعلّق بوصول الموظفين الى أعمالهم، فمنذ 6 أشهر الى اليوم يعمل نصف الموظفين من المنزل بإنتاجية ضيئلة جدا وهذه مشكلة كبيرة أيضًا.

وفي الختام، يرى بكداش أنّ الأزمة تحتاج الى إصلاحات واذا لم تتحقق هذه الإصلاحات لن نصل الى نتيجة.
 

رفع الدعم

إقرأ المزيد في: خاص العهد