معركة أولي البأس

خاص العهد

شتاء البقاعيين.. هل يكون الأقسى؟ 
25/09/2021

شتاء البقاعيين.. هل يكون الأقسى؟ 

يوسف جابر

فصل الشتاء يحلُّ ضيفًا ثقيلًا على أهالي المناطق الباردة في لبنان. لسان حال هؤلاء "لا أهلًا ولا سهلاً بموسم الثلوج"، فقد صارت أكبر هواجسهم كيفية تأمين التدفئة لمنازلهم وعائلاتهم. أيلول الذي اعتاد فيه أهالي البقاع على تجهيز مستلزمات "النجاة" من الصقيع، لا يبدو أن هذه السنة سيكون كذلك. غرق البلاد بأزمةٍ اقتصاديةٍ كارثية وفقدان المحروقات وغلاء المعيشة حال دون توفير "مونة البرد".

المِحنة تطال حُكمًا القطاع التربوي. مدير مدرسة متوسطة بعلبك الجديدة الأولى مصطفى أيوب يتحدّث لموقع "العهد الإخباري" عن كيفية التحضير للفصل القاسي القادم، ليجزم منذ البداية بمقاطعة العام الدراسي هذا العام بسبب عدم القدرة على الاستعداد لما هو آتٍ. 

ويضيف: "كنتُ في نهاية الصيف أجهِّز ما ينقص المدرسة لوجيستيًا من الصوبيات، الطاولات، صيانة وغيرها، والدولة تُخصّص مساهمة بـ 200 ألف على الطالب، وحاليًا لدينا 200 طالب يعني 40 مليون ليرة، المبلغ الذي لم يعد كافيًا لشراء مازوتٍ للتدفئة، فكيف بانطلاقة عامٍ دراسي في وقتٍ بات ما نحتاجه بالدولار، بل ماذا عن الاستمرارية؟".

وفي مقارنةٍ بسيطة يجريها أيوب، يتبيَّن أنَّ صفيحة المازوت كانت عام 2020 بـ 20 ألف ليرة، أما اليوم فتتجاوز الـ 200 ألف ليرة، ويتابع " في العام الماضي احتجتُ الى 4 آلاف ليتر مازوت، أمّا اليوم فكلفة هذه الكمية تقدّر بـ40 مليون ليرة".

ويرى مدير متوسطة بعلبك أنَّ على الدولة رفع المساهمة (الخاصة بكلّ طالب) من 200 ألف إلى حوالي 5 أضعاف المبلغ، وأن تقوم بواجبها عبر مدّ يد العون للمدارس إداريًا لا لوجستيًا.

أما عنه كابن منطقة باردة، فيقول أيوب إنَّ همَّ المازوت يطغى على تفكير الأهالي، فأقل بيت في البقاع لديه مدفئتان، والمعدل الطبيعي هو 1500 ليتر يعني على تسعيرة اليوم 15 مليون ليرة، ويعتبر أنَّ موظفي الدولة هم الفئة الأكثر تضررًا، فلا تسوية للأجور ونحن نعيش على الصبر وننتظر الفرج".

النصيب الأكبر من هموم البقاعيين هذه السنة يتركّز على التدفئة وأساليبها. أبو غافر حمية، أحد فعاليات بلدة طاريا البقاعية يتوقّف في حديث لـ"العهد" عند شراء الناس لمدافئ الحطب، فيقول "ظنوا أنَّ الحطب أرخص فهرعوا لشراء مدافئ على الحطب، إلا أنَّ الطن وصل إلى المليون ونصف مليون ليرة في وقتٍ يحتاج المنزل لـ 6 أطنان أي 9 ملايين ليرة، أمّا تكلفة التدفئة بالمازوت فيحتاج المنزل في الحدّ الأدنى لـ 1200 ليتر، ما يعادل 12 مليون ليرة مقابل 200 ألف للتنكة".

ويردف حمية "طالما لا يوجد تخفيض للمحروقات فيجب على الدولة رفع الرواتب"، ويطرح هنا حلًا عبر بطاقات تمويلية خاصة بالمازوت شهريًا بـ 250 ليتر مازوت بالسعر المدعوم بقيمة 15 ألف ليرة لليتر الواحد، وذلك لكل مواطن راتبه تحت المليوني ليرة.

جمعية الإمداد الخيرية التي أخذت على عاتقها مشروع التكافل الاجتماعي في كلّ المناطق حتى لا يبقى مُحتاج ولا سيّما في المناطق الباردة والنائية، هي الأخرى تبدو هذا العام مُربكة. لا شيء محسوما حتى اللحظة. لا تبرّعات تغطّي احتياجات أبناء تلك القرى. مدير جمعية الإمداد الخيرية في بعلبك الدكتور رامز يزبك يتحدّث لموقع "العهد الإخباري" عن الواقع الأليم، فيوضح أنَّ ما يُقارب 2500 عائلة مسجّلون لدى الإمداد وهم الأشد فقرًا، يحتاجون إلى تدفئة وتعليم ونقل وقرطاسية وطبابة، ويشير إلى أنَّ الجمعية تساهم بمساعداتٍ لتستند هذه الأُسر إليها، وليس معاشاتٍ ثابتة كالمؤسسات الحكومية.

ويشكو يزبك من أنَّ الوضع لم يعد كالسابق، فلم يعد باستطاعة الجمعية تغطية النفقات في ظلِّ الغلاء المعيشي الحاصل، ويُبيّن أنَّ "أسعار الطبابة ارتفعت 5 أضعاف عمّا كانت عليه، وكذلك بالنسبة للجانب التربوي من تسجيلٍ في المدارس أو الجامعات والقرطاسية وتكاليف النقل، وصولًا إلى المحروقات".

ويقول إنَّ إمداد بعلبك "كان يدفع ثمن برميليْ مازوت لكل عائلة في موسم الشتاء، أمّا الآن فحتى الكسوة والقرطاسية لم نستطع تأمينها"، مُرجعًا العجز الحاصل في أنشطة الجمعية للأزمة الاقتصادية التي خفَّضت عدد متبرعي الجمعية، بعضهم أثقل كاهله الغلاء، وغيرهم حرمتهم المصارف من أموالهم.

على صعيد المساعدات الغذائية، يوضح يزبك لـ "العهد" أن لا تقصير في موضوع المواد الغذائية خصوصًا مع وجود بطاقة "السجاد"، فالجمعية وزّعت 2400 حصة على العوائل المتعفّفة في بعلبك قبل أسبوع فقط. 

يذكر أنَّ جميعة الإمداد كانت توزِّع نحو 8947 برميل مازوت على 4200 أسرة من المقيمين في المناطق الباردة في السنوات السابقة، وتبدو الأمور اليوم غير محسومة بانتظار المتبرّعين والخيّرين.
 

الشتاءالمازوت

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة