معركة أولي البأس

خاص العهد

الجامعة اللبنانية على حافة الإغلاق!!
18/03/2022

الجامعة اللبنانية على حافة الإغلاق!!

فاطمة سلامة

منذ تأسيسها في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، والجامعة اللبنانية صرح جامع لكل فئات الشعب اللبناني. هي "أم الفقير" كما يحلو للبعض تسميتها، تمامًا كما أنها "أم التنوع" الطائفي والمذهبي. أما مستواها العلمي فمشهود له، وهي التي يبذل أساتذتها كل ما بوسعهم لتقديم الأفضل للطالب. لكن هذه الجامعة التي يتساوى فيها الفقير والغني - نظرًا لقسطها المتدني مقارنةً مع الجامعات الخاصة - ترزح اليوم على حافة الإغلاق. هذه الخلاصة ليست وليدة تكهنات أو توقعات، بل باتت بمثابة أمر واقع بعدما تغلغل "الحرمان" وحفر عميقًا في مفاصل هذا الصرح التعليمي التاريخي الذي للأسف بات خارج اهتمامات وأولويات المسؤولين.  

أزمات وجودية.. ومؤامرة تتعرّض لها الجامعة 

عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور إيهاب حمادة - عضو لجنة التربية النيابية - يتحدّث بإسهاب عن معضلة الجامعة اللبنانية التي تعيش أزمات وجودية في سابقة خطيرة تجعل هذا الصرح التعليمي في موقف "يكون أو لا يكون". 

لا يخفي حمادة أنّ ثمّة هواجس كثيرة من مؤامرة واستهداف تتعرّض له الجامعة لصالح تدمير التعليم في لبنان ومستقبل اللبنانيين. يُعدّد حمادة "النكبات" التي أصابت الجامعة اللبنانية، ولعلّ أبرز "جريمة" ارتكبت بحقها ظهرت في الموازنة الحالية. يعرف المسؤولون أنّ موازنة 2021-2022 تهدف لإغلاق الجامعة اللبنانية لصالح الجامعات الخاصة، ولا تخرج عن سياق النهج السائد للتآمر على لبنان وتدمير العلم فيه، فهناك من يستهدف لبنان من خلال جامعته الرسمية. وعليه، يقول حمادة، كان لكتلة الوفاء للمقاومة موقف حاسم في مجلس النواب حيال هذه القضية، فموقفنا من الموازنة بأكملها متوقف على تعديل موازنة الجامعة اللبنانية.  

الجامعة اللبنانية على حافة الإغلاق!!

الموازنة المرصودة لا تكفي بدل صيانة ومحروقات 

يتحدّث حمادة عن الإهمال والتقصير الذي مورس بحق الجامعة اللبنانية. لم يُفرد لموازنتها دقيقة واحدة للنقاش في مجلس الوزراء حول معاناتها وسبل استمراريتها لتبقى موازنتها على ما كانت عليه سابقًا. المبلغ المرصود 376 مليار ليرة، وهو مبلغ يُفترض أن يُغطي الرواتب والتعويضات والمصاريف التشغيلية والصيانة وكل ما يترتّب من أعباء. ولا يخفى أنّ هذا المبلغ كان يساوي سابقًا أكثر من 250 مليون دولار، أما اليوم ومع انخفاض سعر صرف الدولار، فإنّ هذا المبلغ لا يساوي 18 مليون دولار وهو لا يكفي بدل صيانة ومحروقات. يُعطي حمادة مثالًا بسيطًا ليبين حجم الإجحاف الذي يمارس بحق الجامعة اللبنانية. في كل الموازنات جرى مضاعفة بدل المحروقات 20 مرة تماشيًا مع الارتفاع الكبير بسعر الصرف، إلا في موازنة الجامعة اللبنانية حيث بقي بدل المحروقات على ما هو عليه ولم يزد قرشًا واحدًا. 

لتعديل بدل النقل وأجر الساعة أسوة بالتعليم الأساسي والثانوي والمهني

يتناول حمادة خطأ آخر ارتكب بحق الجامعة اللبنانية. أدرجت زيادة بدل النقل ليصبح 65 ألفًا في التعليم الأساسي للمتعاقدين، أما بدل النقل للمتعاقد في الجامعة اللبنانية فلا يزال على ما هو عليه. تمامًا كما جرى زيادة أجر الساعة للمتعاقدين في التعليم الأساسي والثانوي والمهني، ولم يرتفع أجر الساعة للأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية قرشًا واحدًا حتى بات بدل أجر الساعة في التعليم الأساسي والمهني والثانوي يفوق بدل أجر الساعة في التعليم الجامعي. أكثر من ذلك، أنجزت سلّة للتعليم وجرى إعطاء 90 دولارًا لملاك التعليم الرسمي الأكاديمي والمهني، ولم يتم إعطاء الأستاذ الجامعي. 

ويعيد  حمادة التأكيد أنّ ثمّة مؤامرة لتدمير لبنان ومعه التعليم في الجامعة اللبنانية، حتى أنّ الجهات المانحة تشترط الدعم مقابل شروط للتغيير في بنية المناهج، كالفرنسيين الذين عدّلوا منهج الفلسفة فألغوا الفلسفة الإسلامية. 

 4 ملفات يجب البت بها سريعًا 
 
يتطرّق حمادة الى جملة ملفات عالقة تحرم الجامعة اللبنانية من التطور والمضي قدمًا وكل ذلك نتيجة الاشتباكات السياسية الحاصلة. ثمّة أربعة ملفات عالقة (العمداء، الملاك، التفرغ والمدربون). هذه الملفات أنجزت كمراسيم من قبل وزير التربية لكن الاشتباك السياسي الحاصل يؤخّر البت بها ولا من يسأل أو يهتم. 

حمادة الذي يتحدّث بحسرة عن أوضاع الجامعة اللبنانية التي وصلت الى القاع والى مكان مقلق، يشير الى أنّ ثمّة ما لا يقل عن 13 ألف طالب تسربوا من كلياتها. وفق حمادة اذا بقي الاجحاف مستمرًا بحق الجامعة اللبنانية فالتعليم سيتوقّف بما فيه "الأون لاين"، فالأستاذ الجامعي "مأزوم" وفي وضع لا يُحسد عليه. كما أنّ المتعاقد بات بحاجة الى الاقتراض للوصول الى الجامعة، فراتبه لا يغطي 5 بالمئة من مصاريفه وهذا بمثابة انتحار. 

وعليه، "يجب أن تُحسم ملفات الجامعة اللبنانية وعلى رأسها التفرغ"، يقول حمادة الذي يُشدد على ضرورة تعديل موازنة الجامعة اللبنانية كشرط لكتلة الوفاء للمقاومة التي قد يكون لها موقف سلبي إزاء الموازنة بأكملها. 

ويوضح حمادة أننا في الموازنة السابقة اشترطنا للتصويت تعديل بعض النقاط أهمها مواد لها صلة بالجامعة اللبنانية، واليوم نرتّب الموقف نفسه واذا لم تُعدّل موازنة الجامعة اللبنانية قد نذهب ككتلة الى خيارات سلبية تجاه الموازنة. وهنا يلفت حمادة الى أنّ ثمّة استهتارا من قبل الحكومة حيال الجامعة اللبنانية ورغم كل اضرابات الأساتذة واحتجاجاتهم ومطالبهم بقيت الموازنة على ما هي عليه ولم يعدل فيها شيء. 

حمادة - وهو عضو في لجنة المال والموازنة - يُشدّد على أننا رفعنا توصية في لجنة المال والموازنة بعدة أمور تخص الجامعة منها إعادة دراسة موازنة الجامعة اللبنانية وزيادة أجر التعليم الجامعي، فضلًا عن زيادة الموازنة التشغيلية بحسب سعر صرف الدولار، كما طرحنا زيادة الموازنة المرصودة مئة بالمئة لتتمكّن الجامعة من الإقلاع أقله. وهنا يُطالب حمادة بضرورة معرفة الجهة التي ذهبت اليها عائدات فحوص الـpcr والتي كان من المفترض أن تذهب للجامعة اللبنانية. برأيه، لا بد من أن تتحمل الدولة والمؤسسات الرقابية مسؤولياتها لمعرفة الجهة التي سرقت هذه الأموال التي تبلغ 50 مليون دولار وهو مبلغ كفيل بتحريك عجلة الجامعة اللبنانية المنتجة. 

الجامعة بهذه الموازنة يستحيل أن تُكمل 

وفي الختام، يشدّد حمادة على أنّ ثمّة مؤامرة على الجامعة اللبنانية لإغلاقها لصالح الجامعات الخاصة ولصالح تدمير لبنان ومعه هذه الشعلة التي خرّجت الكثير من الكفاءات، فلا أحد بإمكانه أن يقرأ الاستهتار والتهميش الذي تتعرّض له الجامعة سوى في سياق التآمر عليها لإغلاقها، والجميع يعرف أن الجامعة بهذه الموازنة التي لم يُزَد عليها قرش واحد يستحيل أن تُكمل وتمارس التعليم الحضوري، أو تقوم بما يتوجّب عليها من نفقات تشغيلية وصيانة واستئجار مبانٍ ودفع رواتب، والمبلغ المرصود لا يكفي صيانة ومحروقات، يختم حمادة حديثه.

الجامعة اللبنانية

إقرأ المزيد في: خاص العهد