معركة أولي البأس

خاص العهد

الجامعة اللبنانية في رياح المحاصصة والتسييس
30/03/2022

الجامعة اللبنانية في رياح المحاصصة والتسييس

حسن شريم

مما لا شكّ فيه أنّ الجامعة اللبنانية كانت وما زالت تمثّل الواجهة الثقافية والعلمية للبنان. لا خلاف على أنّ خريجي "جامعة الوطن" على قدر من الثقافة والعلم والمعرفة بشهادة أفضل الجامعات في العالم. إلا أنّ الجامعة التي تُلقّب بـ"أم الفقراء" تواجه اليوم خطرًا وجوديًا من بعض السلطويين لإضعافها أو ربما إلغائها، وطبعًا لغايات شخصية ولحساب الجامعات الخاصة في لبنان، والتي بات معلومًا من يمتلكها وأغلبهم اليوم في موقع السلطة والحياة السياسية.

وعلى وقع الإجحاف الذي تتعرّض له الجامعة وأساتذتها الذين باتوا يعيشون أوضاعًا صعبة، يشهد الشارع اللبناني تحركات مطلبية مطالبة الحكومة بتحسين أوضاع الجامعة والبت في ملفات شتّى تتعلّق بأوضاعها الإدارية والمالية وحُسن سير العملية التعليمية.

أين أصبحت ملفات الجامعة؟ وما هي الأخطار المحدقة بها؟

وفيما ينفّذ الأساتذة المتفرّغون في الجامعة اللبنانية اعتصامًا أمام القصر الجمهوري، يؤكّد نائب رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة في الجامعة اللبنانية الدكتور حسين معاوية في حديث لموقع العهد الإخباري أن تحرك اليوم بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء هو ردّة فعل طبيعية للمطالبة بمطالب محقة تعنى بملفات الجامعة اللبنانية التي ما زالت عالقة منذ زمن، منها ملف دخول الأساتذة المتفرغين للملاك، ملف تفرغ الأساتذة المتعاقدين، ملف الموظفين المدربين، ملف موازنة الجامعة وملف العمداء.

وأضاف معاوية: "اليوم توجد جلسة لمجلس الوزراء لمناقشة جملة أمور منها ملفات الجامعة، وجلسة وزير التربية الأخيرة مع رئيس الجمهورية العماد عون كانت للمطالبة ببحث هذه الملفات في جلسة  الحكومة اليوم"، مؤكدًا أنّ التحرك اليوم يأتي في سياق الضغط على الحكومة لمناقشة هذه الملفات.

ورأى معاوية أنّ بعض هذه الملفات ممكن أن تحل إلا أنّ بعضها الآخر كملف العمداء يخضع للتسييس وللمحاصصة من بعض الأطراف السياسية وقد تم ربط باقي الملفات بهذا الملف الذي نعتبره العقدة الأساس.

وردًا على سؤال حول وضع الأستاذ الجامعي، قال معاوية: "إن وضعه مزرٍ، فما يتقاضاه الأستاذ الجامعي لا يسدّ له رمق عيش خاصة أن موضوع السيولة في مصرف لبنان تواجه مشاكل وهو ما يشكل في كثير من الأحيان عائقًا أمام تقاضي الأستاذ الجامعي لراتبه، فضلًا عن مشاكل القطاع الصحي المالية والتي أصبحت بموجبها تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا تكفي خاصة أن بعض المستشفيات تطالب بالـ"فريش دولار"، فـ"أعان الله الأستاذ الجامعي" أردف معاوية.

وعن تعليق الدروس في الجامعة اللبنانية، وصفه معاوية بـ "التوقف القسري" وهو لا يتعلق فقط بالمطالب المحقة اللأساتذة بل أيضًا بالقدرات المادية للطالب وللأستاذ نتيجة الوضع الاقتصادي الراهن، فمثلًا في البقاع لا يستطيع الموظفون أو الطلاب الوصول إلى جامعاتهم نتيجة غلاء المحروقات للمواصلات ولتأمين التدفئة في الجامعات، وبشكل عام نفتقد المقومات المؤهلة للعملية التعليمية، مضيفًا أن "الموازنة التي تصرفها الحكومة اللبنانية للجامعات لا تعادل اليوم ما يكفي إذا ما حولناها على سعر صرف الدولار".

وبخصوص مظلومية الطالب في الجامعة واعتباره رهينة، قال معاوية: "إنَّه ضحية الدولة التي ترفض حلّ أزمة القطاع التعليمي، وإذا ما شاهدنا المشهد العام نرى أن الكل ضحية في هذا القطاع، وآن الأوان كي تتحمّل الدولة مسؤولياتها".

رمّال: المحاصصة والتسييس يتحكمان بمصير الجامعة اللبنانية

من جهته، يتّفق مستشار رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور علي رمال مع ما قاله الدكتور معاوية والذي رأى أن تحرك اليوم "مكرّر" وليس بالجديد، لكن المؤسف أن القيمين على ملف الجامعة لا يلتفتون إلى الواقع الخطير الذي يحدق بالجامعة بل جعلوا أقصى همهم النزاع على الحصص وإثبات النفوذ داخل الجامعة.

ويتابع رمال: "الواقع أن هذا التحرك اليوم هو إنساني لأنّ المطالب هي إنسانية أكثر مما هي حقوق وظيفية لأننا في وضع اقتصادي مزرٍ جدًا".

وتابع رمال -عن واقع ملف "المدربين الذين لا يتقاضون أجرًا إلا بعد مرور أشهر على عملهم- فقال: "كيف للدولة أن تؤخر البحث في ملفاتهم"، مضيفًا "حتى ملف الأساتذة المتفرغين، فمنذ العام 2014 لم يتفرغ أستاذ في الجامعة اللبنانية رغم عدد الأساتذة الذي أحيل إلى التقاعد".

وأعرب رمال عن أسفه، قائلًا: "حتى الأساتذة الذين يريدون التفرغ في الجامعة، فما أنفقوه من أجل تحصيل شهادة الدكتوراه في الخارج هو ألف ضعف الراتب الذي سيتقاضونه فيما لو تم تفرغهم في الجامعة، فمتوسط الراتب الإجمالي للأستاذ نحو الـ 200 $، وهذا الوضع يوصّف بالمأساوي.

وشدّد رمَّال على أنَّ الجامعة الوطنية هي الواجهة الثقافية لكل بلد في العالم، والجامعة اللبنانية التي تضم من كافة أطياف والشرائح اللبنانية ينبغي أن تكون الواجهة الثقافية والتعليمية والحضارية للبنان، وهم يتقاذفونها حسب مصالحهم وحصصهم، واليوم تخسر الجامعة اللبنانية الكفاءات عبر هجرة العديد من حملة شهادات الدكتوراه والدراسات العليا إلى الخارج، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على مستوى الثقافة والتعليم في البلد.

وعبر موقعنا، وجّه رمال دعوة التفاف جامعة وواسعة حول الجامعة لإنقاذها والتضامن مع قضيتها وتحويلها إلى قضية رأي عام وطني من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، واصفًا إياها بالجامعة الوطنية لكل مواطن لبناني حر خاصة في ظلّ وجود بعض الشكوك حول النيل منها وتصفيتها لحساب جامعات أخرى يملكها من هم في موقع المسؤولية والسلطة في الدولة.
 
وعن وضع الطالب يرى رمال أن الطالب ليس ضحية أو رهينة كما يحاول بعض القيمين استغلاله واستثماره لحرف بوصلة المطالب والحقوق، فالأساتذة يتمتعون بمسؤولية وطنية عالية ولن ينجروا إلى هذه، وقد وضعنا خططا من شأنها إنهاء العام الدراسي دون أن يتضرر الطالب، كما حصل في السنوات السابقة خاصة في العام 1982 حيث أُنهي العام الدراسي رغم الاحتلال "الإسرائيلي" على لبنان.

ولفت رمال إلى أنه من الممكن وبعد إنهاء الطلاب إجراء امتحاناتهم أن ندعوهم للنزول للشارع من أجل المطالبة بإنقاذ الجامعة وضمان استمرارها، ختم رمّال.

الجامعة اللبنانيةالمصرف المركزيالحكومة اللبنانيةوزارة التربية والتعليم العالي في لبنان

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
لقاء توجيهي مع الدكتور حسين رحال للطلاب المتقدمين لمرحلة الماجستير البحثي
لقاء توجيهي مع الدكتور حسين رحال للطلاب المتقدمين لمرحلة الماجستير البحثي
الجامعة اللبنانية الأولى محليًا مهنيًا وأكاديميًّا
الجامعة اللبنانية الأولى محليًا مهنيًا وأكاديميًّا
بيرم في "معرض الأفكار الخامس": لإطلاق منصة لتوظيف المواهب الشابة
بيرم في "معرض الأفكار الخامس": لإطلاق منصة لتوظيف المواهب الشابة
المفتي قبلان للراعي: لولا المقاومة لم يبقَ لبنان
المفتي قبلان للراعي: لولا المقاومة لم يبقَ لبنان
ورش تخصصية في الإرشاد والتوجيه لخريجي معهد العلوم الاجتماعية بالتعاون مع وزارة التربية 
ورش تخصصية في الإرشاد والتوجيه لخريجي معهد العلوم الاجتماعية بالتعاون مع وزارة التربية 
اليوم التالي للجريمة
اليوم التالي للجريمة
هل تُنصف تعاميم مصرف لبنان الجديدة المودعين؟ 
هل تُنصف تعاميم مصرف لبنان الجديدة المودعين؟ 
مدقّق حسابات سلامة: لا أعرف... لا أعلم... لا أتذكّر
مدقّق حسابات سلامة: لا أعرف... لا أعلم... لا أتذكّر
منصوري: رواتب القطاع العام ستُدفع بالدولار
منصوري: رواتب القطاع العام ستُدفع بالدولار
رحيل سلامة يخلط الأوراق في مصرف لبنان.. موظّفون الى المنزل
رحيل سلامة يخلط الأوراق في مصرف لبنان.. موظّفون الى المنزل
ميقاتي: أستحلفُكم أنْ نضع جانباً خلافاتِنا السياسية ونلتقي جميعاً على ما يصونُ الوطنَ ويحميه
ميقاتي: أستحلفُكم أنْ نضع جانباً خلافاتِنا السياسية ونلتقي جميعاً على ما يصونُ الوطنَ ويحميه
الحكومة اللبنانية تُدين العدوان الصهيوني على لبنان: إجرامٌ موصوفٌ وخرقٌ للسيادة
الحكومة اللبنانية تُدين العدوان الصهيوني على لبنان: إجرامٌ موصوفٌ وخرقٌ للسيادة
بتشييع حاشد.. لبنان يودّع الرئيس الحص 
بتشييع حاشد.. لبنان يودّع الرئيس الحص 
حزب الله وقوى سياسية معزيةً بالرئيس الحص: حمل هم تحرير فلسطين ولبنان
حزب الله وقوى سياسية معزيةً بالرئيس الحص: حمل هم تحرير فلسطين ولبنان
سليم الحص: الرجل الذي عاش محترَما..ورحل محترَما
سليم الحص: الرجل الذي عاش محترَما..ورحل محترَما
وزير التربية يحدد مسارات التدريس في المدارس والثانويات للعام الدراسي 2024/2025
وزير التربية يحدد مسارات التدريس في المدارس والثانويات للعام الدراسي 2024/2025
العام الدراسيّ ومعاناة دولرة الأقساط
العام الدراسيّ ومعاناة دولرة الأقساط
وفد من حزب الله في وزارة التربية: لإعفاء النازحين من الرسوم المدرسية
وفد من حزب الله في وزارة التربية: لإعفاء النازحين من الرسوم المدرسية
وزارة التربية ردًا على البطريرك الراعي: كلامه غير مقبول وندعوه لمراجعة موقفه
وزارة التربية ردًا على البطريرك الراعي: كلامه غير مقبول وندعوه لمراجعة موقفه
توضيح للحلبي عن علامات الاستلحاق والأشقر يحدّد خطوات إعادة النظر بالعلامات 
توضيح للحلبي عن علامات الاستلحاق والأشقر يحدّد خطوات إعادة النظر بالعلامات