خاص العهد
فاقة اللبنانيين تتضاعف: اللحوم ومشتقات الحليب لن تعود من الضروريات؟
لطيفة الحسيني
الى أيّ مدى يستطيع اللبنانيون الصمود بعد؟ حتى في شهر الصيام لا يرحم التجار والمُستغلّون المواطنين، بل يُمعِنون أكثر في ضرب قدرتهم الشرائية. الغذاء اليومي أوّل القطاعات وأكثرها تضررًا جراء الفوضى الاقتصادية الحاصلة.
الى جانب المواد التموينية الضرورية، تبرز أسعار اللحوم البيضاء والحمراء كهمٍّ لا يعرف الاستقرار. الحليب ومنتجاته أيضًا يملك بورصةً متأرجحةً ومرهونةً لعوامل عدّة. إزاء هذا المشهد، يُلازم الناس "فاقتهم". كلّ شيء يُشير الى مزيد من العسر وليس اليسر.
رئيس نقابة مربّي الأبقار في لبنان علي شومان عند سؤاله عن أحوال القطاع يُحيلنا الى الأوضاع المتدهورة عمومًا، ويقول لموقع "العهد الإخباري" إن "الأزمة الأوكرانية زادت الأعباء، فبات طن القمح الذي كان يُباع بحدود 360 أو 370$ سابقًا، يُشترى اليوم بـ 500$، وطن الشعير وصل سعره الى 480$ بعد أن كان لا يتجاوز الـ 380$، أمّا طن التبن فارتفع من 2000000 ليرة الى 7000000 ليرة، وكذلك الحال مع الأدوية المُخصّصة للأبقار التي تعدّت أسعارها الـ 10$ خلافًا للمرحلة السابقة.
بحسب شومان، لا شيء يكفي لغذاء الأبقار اليوم. من لديه مزرعة فيها 10 أبقار يذهب الى خيار بيع إحداها كلحم لشراء علف للتسعة الأخريات، غير أن القصة لا تنتهي هنا، فبعد مدّة "ينكسر" على حاجته من العلف.
على صعيد ما يؤمَّن للسوق المحلي من مزارع الأبقار كلحوم حمراء وحليب طازج، يُشير شومان الى أن الإنتاج اللبناني لا يوفّر سوى 20% للسوق، والاعتماد يكون على الحليب المهرّب من سوريا لتغطية العجز، ويوضح أن كيلو الحليب يُباع اليوم بـ70 سنتًا وهو متّجه الى دولار في الحدّ الأدنى حتى يستطيع القطاع الاستمرار، ما يعني أننا ذاهبون الى ارتفاع إضافي في أسعار الحليب ومشتقاته.
الفوضى أصابت أيضًا اللحوم. شومان يؤكد لـ"العهد" وجود قصّابين يبيعون كيلو اللحم بما يوازي سعر المستورد من الخارج، حتى لو كانت البقرة المذبوحة بلدية، ويرجّح أن تترواح أسعار اللحوم خلال أسبوع ما بين 300 و400 ألف، وهنا يلفت الى انخفاض الطلب على لحم الغنم، الأمر الذي انعكس تراجعًا في أسعاره أيضًا ليُصبح الكيلو منه 280 ألفا.
الحليب ومشتقاته
ع. م. أحد منتجي الحليب على صعيد البقاع لا يرى أن الأمور ذاهبة الى الحلّ. على الرغم من أن المشكلة تكمن في العلف، إلّا أن الاستغلال واضح في لبنان، فاذا ارتفع سعر طن العلف 10$ عالميًا، يرتفع محليًا 100$، والمراقبة غائبة عمّا يجري.
وفق المُنتِج، اذا أراد المعنيون في الدولة تسوية الأوضاع يذهبون الى رفع سعر الحليب، لكن بهذه الطريقة لن يستطيع المواطن أن يأكل ولن يتمكّن في المقابل التاجر من بيْع ما لديه من كميّات.
الحلّ برأي المُنتِج يكون في ضبط تسعيرة الأعلاف قبل كلّ شيء، لكن الى أن يتحقّق ذلك التوقعات تشير الى مزيد من الارتفاع في أسعار مشتقات الحليب، وبالتالي لن يبقى سعر كيلو اللبنة بـ 100 ألف ليرة، ولا سعر كيلو الحليب 70 سنتًا ولا سعر كيلو اللبن 30 ألف ليرة كما هو اليوم.
الدواجن والبيض
مربّو الدواجن يشكون من أسعار الأعلاف. نقيب مربّي الدواجن موسى فريجة يحصر أزمة الأسعار ببورصة الأعلاف، إلّا أنه في الوقت نفسه يُبيّن أن "العرض والطلب يلعبان دورًا فيها"، ويضيف "ترك المجال أمام المنافسة الحرة من شأنه أن يخّفض الأسعار".
وعلى ما يصرّح فريجة لـ"العهد"، تربية الدواجن في لبنان غير مدعومة بل حرة ولذلك يتحكّم بها العرض والطلب.
ويوضح فريجة أن طن العلف المُخصّص للدجاج أصبح اليوم 600$ بعدما كان 400$، لأن أسعار الذرة والصويا ارتفعت بشكل جنوني وكذلك الأمر بالنسبة للأحماض والمعادن.
وإذ يستبعد فريجة أن تزيد الأسعار عن هذا المعدّل ولا سيّما أن كميات الأعلاف متوفّرة بشكل كبير وأكثرها موجود في مرفأ طرابلس، يُطمئن أن كرتونة البيض هي الأخرى لن يرتفع سعرها، في ظلّ التهريب الحاصل من سوريا.
في المقابل، تظهر الفوضى في هذا القطاع. استنادًا الى كلام فريجة، يبلغ عدد المسالخ غير المرخّصة من قبل وزارتي الصناعة والزراعة نحو 120 مسلخًا (غير حاصلين على شهادات في الجودة والنوعية)، وعلى الرغم من ذلك تشكّل 60% من استهلاك السوق، فيما الـ40% تؤّمنها المسالخ الكبرى (هوا تشيكن/ التنمية/ميلكو).