خاص العهد
مخرجات قمّة شنغهاي.. اتحاد القوة في وجه التسلّط الأميركي
مصطفى عواضة
شهدت اجتماعات منظمة شنغهاي للتعاون في هذا العام محاور عدّة، تؤكد على بلورة عالم متعدد الأقطاب، في مواجهة التسلط الأميركي وإرهاب واشنطن الذي تتعمّد نشره في دول العالم.
وقد لوحظ فحوى هذه المضامين من خلال مخرجات الاجتماعات التي عُقدت بين الرؤساء؛ الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ، والإيراني السيد إبراهيم رئيسي التي أكدت على العمل المشترك لإحداث تغيير سريع في العالم.
ولأهمية هذا الاجتماع الإقليمي البارز، وما يتضمن من مدلولات ذات أبعاد استراتيجية على المستوى العالمي، كان لا بدّ من التوقف عندها مع الخبير في العلاقات الدوليّة الدكتور جمال واكيم، حيث أكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ "اللافت في مؤتمر شنغهاي هو مشاركة إيران بما تحمل من دلالات وأهمية كبرى، حيث وقّعت الأخيرة على مذكرة تعهدات العضوية الدائمة في المنظمة".
وأشار واكيم إلى أنّ المنظمة بدأ تأسيسها بين روسيا والصين وثلاث جمهوريات أخرى من آسيا الوسطى عام 1996، جراء تعرض موسكو وبكين لعقوبات أمريكية، وجاء هذا التحالف بسبب الارتباطات الجيوسياسية بين هذه البلدان والتقاء الأهداف في ما بينها".
واكيم أوضح أن "شنغهاي" تحوّلت إلى منظمة تعاونية في 13حزيرن/ يوليو 2001 تهدف إلى مجابهة المؤامرات الأمريكية بالتقارب بين هذه الدول وحفظ أمن واستقرار آسيا الوسطى التي تعد تاريخيًا تقاطع طرق للتجارة البرية في آسيا، وانطلقت منها عمليات غزو الصين وروسيا لفترات طويلة".
ولفت واكيم إلى "اهتمام طهران وسعيها للانضمام إلى المنظمة ومعاملتها من قبل أركان "شنغهاي" على أنّها شريكة، ما أدّى إلى تعزيز قدرة إيران ودورها، وبذلك تم رسم أضلاع ثالوث الحماية الصيني الروسي الإيراني في تلك القارة".
وتابع واكيم القول إنّ "هذا التحالف يحمي الدول الثلاث، ويسمح لـ"بكين" بتوجيه اهتماماتها نحو جنوب بحر الصين، ويمكّن موسكو من النظر إلى شرق أوروبا وشرق المتوسط، ويسمح لطهران بالتوجّه نحو جنوب الجزيرة العربية في خطوة تكاملية جيوسياسية، فلقاءات هذه الدول الثلاث حصلت لتتويج التكامل الجيوسياسي بالتعاون الاقتصادي في ما بينها".
وحول مجابهة الأحادية القطبية الأمريكية، بيّن واكيم في حديثه لـ"العهد" أن: "منظمة شنغهاي تعمل على إقامة نمط جديد من العلاقات الدوليّة بين دول لا تسعى للهيمنة على غيرها، الأمر الذي يدفع نحو التعددية القطبية، والتخلّص من الهيمنة الأمريكية، وذلك بإيجاد نظام تجاري لا يعتمد على الدولار بل على العملات الوطنيّة لهذه الدول من أجل تجاوز العقوبات".
وأوضح واكيم: "عملت روسيا على إنشاء نظام تحويل مقابل النظام الأمريكي "swift" يعمد إلى التبادل التجاري بالعملات المحلية، وانضمت إليه طهران وبكين لمواجهة عقوبات واشنطن، وكان للحرب في أوكرانيا دور، حيث سرّعت في فرض قواعد هذا النظام وإخراج العالم إلى حد ما من تسلّط الأحادية القطبية الاقتصادية، بالإضافة إلى إنشاء أنظمة تعليمية وثقافية ورقمية خارج دائرة السيطرة الأمريكية ستبدأ نتائجها بالظهور خلال العقد المقبل".
اقتصاديًا، اعتبر الدكتور جمال واكيم أنّ إنشاء خط غاز روسي إلى الصين مرورًا بمنغوليا من شأنه إيجاد سوق بديل لـ"موسكو" من النفط والغاز بعد استغناء أوروبا عنه لأسباب سياسية، بالإضافة إلى فتح سوق موازٍ في الهند عبر إيران، فتحويل السوق إلى تلك البلدان قد يزيد عائدات النفط الروسية.
وشدد واكيم في ختام حديثه لموقعنا على أنّ "المفاعيل السياسية قائمة، وتظهر صورتها بشكل أوضح بالاتحاد بين هذه البلدان عبر هذه القمة، فقد حققت التكامل السياسي والعسكري والاقتصادي في ما بينها في سبيل تحقيق التعددية القطبية على مستويات مختلفة".
ويُشار إلى أنّ "منظمة شنغهاي للتعاون" اختتمت أعمالها، بعد ظهر اليوم الجمعة، في مدينة سمرقند الأوزباكستانية، حيث أكّدت الدول الأعضاء، في بيان ختامي، اعتزامها زيادة التعاون في مجال الدفاع والأمن بين دولها، كما شددت على أهمية عقد تدريبات عسكرية مشتركة لمكافحة الإرهاب "مهمة سلام"، لزيادة مستوى التفاعل في مكافحة التشكيلات المسلحة للمنظمات الإرهابية الدولية، وتحسين أساليب مكافحة الإرهاب.
كذلك أكدت المنظمة، أن دولها منفتحة على التعاون الواسع وفقًا لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة شنغهاي للتعاون والقانون الدولي، على أساس مراعاة المصالح المشتركة والقواسم المشتركة لحل المشاكل الإقليمية والعالمية.