خاص العهد
وحدة الساحات".. إفشال مخطط العدو في انتزاع البيئة الثورية في غزة
مصطفى عواضة
استطاعت المقاومة الفلسطينية خلال معركة "وحدة الساحات" إفشال مخطط العدو في انتزاع البيئة الثورية الحاضنة لمشروع المقاومة وتحويلها إلى بيئة صلبة أظهرت قدرتها على تحمل كلفة احتضانها لمشروع المقاومة. وباتت مقاومة غزة تُشكل نموذجًا فريدًا في تاريخ النضال الفلسطيني، على صعيد قدرتها على الردع وسعيها الدائم لتطوير تلك القدرة ورفع قوة تأثيرها.
في هذا السياق، أكد عضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد الإسلامي" الدكتور وليد القططي أن "المقاومة الفلسطينية خاصة "حركة الجهاد الإسلامي" في فلسطين بعد معركة وحدة الساحات، تُحقق تقدماً على عدة مستويات، وتزداد خبرةً عسكريةً في ميدان المعركة، وتراكم الإنجازات ونقاط القوة في المواجهة مع العدو".
وفي مقابلة مع موقع "العهد" الإخباري قال "تسير المقاومة الفلسطينية بعد هذه المعركة في خطٍ تصاعدي يبني على نقاط القوة عندها ونقاط الضعف عند العدو، وتزداد التحامًا بحاضنتها الشعبية في فلسطين، مما ينعكس على الجماهير بزيادة ثقتها بالمقاومة وأملها بالتحرير ومشاركتها في عمليات المقاومة"، مضيفًا "نزداد اليوم انسجاماً وتعاوناً مع الأمة العربية والإسلامية، وفي طليعتها محور المقاومة، الذي بدوره يمثِّل العمق الإستراتيجي للقضية الفلسطينية، ومعركة وحدة الساحات هي امتداد لمعركة سيف القدس وكل الحروب والمواجهات مع العدو الصهيوني".
ولفت القططي إلى أن "المقاومة الفلسطينية بمختلف أشكالها تقع في إطار مشروع تحرير فلسطين، وهي حلقة من مشروع متواصل هدفه التحرير ووسيلته الجهاد والمقاومة".
وشدد على أن "عمليات الطعن وغيرها من العمليات الفدائية كالدهس وإطلاق النار وإلقاء القنابل، ليست أنواعاً جديدة من المواجهة، فهي موجودة منذ بداية الاحتلال؛ خاصةً قبل الانتفاضة الأولى وخلالها وبعدها؛ فحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بدأت بثورة السكاكين في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، وأشكال أُخرى من المقاومة، التي مهّدت للانتفاضة الشعبية الأولى 1987".
وبيّن أن "العدو الصهيوني يواجه هذا النوع من العمليات بالقمع والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، وبالعقوبات الجماعية، وهذا ديدن الاحتلال وطبيعة العنف المتزايد، ولكن ذلك لم يقضِ على المقاومة الفلسطينية، بل على النقيض فقدْ واصل الشعب الفلسطيني مقاومته للاحتلال وطوّرها كثيراً، بدأَت بالسكين والقنابل والحجارة، وهي اليوم بالصواريخ المختلفة التي تصل إلى معظم مستوطنات الاحتلال، مروراً بالقنابل اليدوية والأسلحة النارية".
وحول الأوضاع في قطاع غزة أشار المسؤول في حركة الجهاد لـ"العهد" الى أن "أهالي غزة وقطاعها يعيشون الحصار الإسرائيلي منذ 15 عاماً، اضافة الى حالة الحرب المستمرة، وإلى جانب الحصار والحرب هناك حالة الانقسام الفلسطيني المستمرة منذ 2007، وهذا كله أثّر سلباً على الحالة الاقتصادية للشعب الفلسطيني القاطن في قطاع غزة، ورغم ذلك نرى الصبر والثبات والصمود عند أهالي القطاع، لإحساسهم بأنهم يقاتلون الكيان الصهيوني المحتل لكل فلسطين، وأنهم يتحدّون غطرسة هذه القوة ويمنعونها من فرض السيطرة على غزة".
واعتبر أن "هذا الأمر يعطيهم أملًا بالنصر وتحرير فلسطين. لذلك الحالة العامة هي مزيج من الألم والمعاناة والحزن الممتزجة مع العزة والإباء والصمود والمقاومة، والشعب الغزاوي يعض على الجراح ويصمد ويواصل الطريق في سبيل الخلاص من احتلال الكيان الصهيوني".
وتطرق عضو المكتب السياسي لعلاقات الحركة داخليًا وخارجيًا بالقول إن "معيار العلاقة في "حركة الجهاد الإسلامي" بالآخرين داخل الأراضي المحتلة هي فلسطين أي بمعنى الشعب والقضية والمقاومة، فبقدر اقتراب الآخرين من فلسطين تتقرب الحركة منهم، والعكس تماماً"، موضحًا أن: "ما يجمع الفلسطينيين في الداخل هو قضية القدس، فالفصائل تتبنى مشروع تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر، بالمقاومة الشعبية المسلحة".
وبحسب القططي فإن "معيار التقارب والتباعد مع الحركات خارج فلسطين هو نفسه، ومن هنا يأتي موقفنا احتراماً للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تقف مع فلسطين وقضيتها وشعبها ومقاومتها، وترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وتُؤمن بحتمية زواله، وهي رأس الدول الداعمة للقضية متحديةً الاستعمار الأمريكي الصهيوني، وهي في ذلك تدفع ثمن هذا الموقف عقوبات ممتدة منذ نشأة الجمهورية الإسلامية 1979".
واستذكارا للذكرى الـ 22 للانتفاضة الثانية -انتفاضة الأقصى- أكد مسؤول ساحة غزة في حركة "الجهاد الإسلامي" على جملة من الحقائق أهمها أن "هذه الانتفاضة قامت كنتيجة لفشل خيار التسوية بعد 7 سنوات على اتفاقية أوسلو وسلطتها، فالجماهير انتفضت إيماناً منها بنهج المقاومة كطريق لتحرير فلسطين، وقامت بسبب مباشر لاقتحام الإرهابي شارون للمسجد الأقصى المبارك، وهذا يعني أن الأقصى والقدس هما جوهر الصراع مع العدو الصهيوني، ويختصران رمز الصراع بين الحق والباطل، وهي تؤكد على استعداد الشعب الفلسطيني للثورة الدائمة والنضال الوطني والتضحية المستمرة حتى يصل إلى حقوقه بالتحرير والعودة والاستقلال".
حركة التضامن والدعم العربي والإسلامي التي صاحبت انتفاضة الأقصى لا سيما في السنوات الأولى تدل وفق القططي على أن "الأمة لا زالت حيةً وتعتبر فلسطين قضيتها المركزية والأولى. وهذه الحقيقة لم تتغير رغم تطبيع بعض الأنظمة العربية الحاكمة مع كيان الاحتلال، وهذا لن يغيّر حقيقة رفض شعوب الأمة العربية والإسلامية للتطبيع بكل أشكاله".
وفي كلمة أخيرة، جزم الدكتور وليد القططي أنه "عندما يلتقي الوعد الإلهي بالفعل الإنساني في وعد الآخرة سيتحقق النصر والتحرير بإذن الله تعالى، وهذا اليقين المبني على الإيمان والوعي والعمل، يجب أن يدفعنا إلى مزيد من وضوح الرؤية وقوة التخطيط، وفاعلية العمل، وإلى القيام بدورنا في حرب التحرير كشعوب وحركات مقاومة، ومعنا كل المؤمنين بمشروع المقاومة لتحرير فلسطين من الكيان الصهيوني، وتحرير الأمة من الاستعمار الأمريكي، حتى يأتي وعد الآخرة".