معركة أولي البأس

خاص العهد

ماذا بعد 7 سنوات للدخول الروسي على خط الحرب في سورية؟
01/10/2022

ماذا بعد 7 سنوات للدخول الروسي على خط الحرب في سورية؟

عمر معربوني | باحث في الشؤون السياسية والعسكرية 

منذ بداية الحرب على سورية اتخذّت روسيا موقفاً منطلقاً من التجارب المرّة مع الولايات المتحدة الأميركية في العراق وليبيا ومحطات عديدة أخرى، وكانت  روسيا من خلال موقفه هذا الحفاظ على علاقتها مع الغرب بعد انهيار الإتحادالسوفياتي، لتبدأ القيادة الروسية مرحلة جديدة بعد المأساة الليبية حين وافقت في مجلس الأمن على منح تفويض لحلف شمال الأطلسي باستخدام القوّة العسكرية لـ "حماية المدنيين" بتغيير مواقفها، وأدانت لاحقاً مع الصين والهند وجنوب افريقيا والبرازيل حلف شمالي الأطلسي، واتهمته بتجاوز التفويض المعطى له في شباط / فبراير 2011، يومها وللتذكير أدّت العمليات العسكرية الاطلسية الى انهيار النظام ودخول ليبيا في فوضى لا تزال مستمرة حتى اللحظة.

وفي شهر حزيران/ يونيو من العام 2012 كانت الولايات المتحدة أيدت على لسان وزير الخزانة فرض عقوبات دولية قاسية على سورية تحت الفصل السابع "إذا لزم الأمر"، دعما لطلب قدمته جامعة الدول العربية حينها في هذا الشأن.

وقتها كنا امام بدايات جديدة في استخدام روسيا لحق النقض "الفيتو" حيث بلغ العدد 17 مرّة منها 4 " فيتوات" قبل دخول روسيا على خط الحرب في 30 أيلول/ سبتمبر 2015 .

في حزيران سنة 2012 أيضًا سلكت روسيا طريقًا مختلفًا وباتت تمتلك مقاربة مختلفة ايضاً، هي عكس ما سلكته اميركا والغرب في نظرتها وسلوكها تجاه سورية، حيث اعتبر التكتل الغربي ان اسقاط الرئيس السوري بشار الأسد هو مفتاح إنهاء الأزمة، في حين اعتبرت روسيا انّ القضاء على الإرهاب هو الحلّ لحماية سورية وايضاً روسيا وليس فقط سورية، انطلاقاً من انكشاف المخطط الأميركي الذي كان يريد اسقاط سورية وتفكيكها وتحويلها الى امارات متناحرة في نهاية العام 2012، ومن ثمّ الإنتقال الى تطويق روسيا عبر خلق مناخات داخلية مشابهة ( ثورات ملوّنة ومعارضات و NGOs وغيرها). 

على الصعيد الاستخباراتي تكونت لدى القيادة الروسية حينها صورة واضحة عمّا تريده اميركا، وقد تبلورت الصورة بشكل أوضح بعد احتلال الجماعات الإرهابية لإدلب وجسر الشغور، والتهديد الذي كان يمكن ان يمتد الى مناطق الساحل السوري حيث القاعدتين الروسيتين الحاليتين الجوية والبحرية والتي تؤمن ضمان بقاء سورية وحماية المجال الحيوي الروسي الأكثر أهمية، وهو الممتد بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط حيث يوجد مضيقي البوسفور والدردنيل بين البحر الأسود والأبيض المتوسط، ومضيق جبل طارق الذي يربط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي وشمالاّ نحو المحيط المتجمد الشمالي.

ماذا بعد 7 سنوات للدخول الروسي على خط الحرب في سورية؟
مشاركة عسكرية روسية في  حفل تأبين للشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني

قرار الرئيس فلاديميير بوتين حينها بالدخول على خط الحرب سبقه قبل شهور لقاء طويل بينه وبين الفريق الشهيد الحاج قاسم سليماني الذي بيّن للرئيس بوتين على الخرائط المخاطر والتهديدات الناتجة عن خسارة سورية وخصوصاً مناطق الساحل.

قبل بدء العمليات في 30 أيلول / سبتمبر 2015 بدأت روسيا بتوسيع قاعدة حميميم الجوية لتتلاءم مع متطلبات طائرات سلاح الجو الروسي.

مع بدء العمليات الجوية الروسية بدأت الجبهات تتغير لمصلحة الجيش العربي السوري وحلفائه، وكنا على التوالي امام إنجازات ميدانية كبيرة من حلب الى الغوطتين الشرقية والغربية، الى اتجاهات البادية المختلفة، وصولاً الى القلمون الشرقي والغربي والجنوب بأكمله، وإحداث عملية الربط بين الحدود السورية والعراقية، وهو ما أثار حفيظة الولايات المتحدة الأميركية حيث بدأت بتعزيز وجودها في شمال شرق سورية والذي لا يزال قائماً حتى اللحظة.

لكن يبقى أن أهم الإنجازات العسكرية هو انتصار حلب وتحريرها، إضافة الى قطاع كبير من الأرض بحيث باتت مساحة سيطرة الجماعات الإرهابية عدا مناطق السيطرة التركية والأميركية حوالي 5 الآف كلم مربع فقط في غرب حلب وأدلب ومحيطها.

باختصار شديد حقق الدخول الروسي على خط الحرب في سورية مسألتين مهمتين:

ـ حماية المجال الحيوي الروسي وهو ما تقطف ثماره روسيا الآن بعد العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا من خلال تمركز اسطوليها الجوي والبحري ومساحة الحركة التي يؤمنها كل من الأسطولين في منطقة البحر الأبيض المتوسط والذي ارادته أميركا بحيرة أميركية.

ـ منع سقوط سورية وتحويلها الى جغرافيا سياسية معادية لروسيا وتأمين القضاء على اعداد كبيرة من الإرهابيين، واستعادة الدولة سيادتها على الثقل الإستراتيجي للدولة الذي يتضمن المدن الكبرى وطرق الربط بين المدن الكبرى وغالبية المنشآت الحيوية، بما فيها تأمين الحدود الجنوبية مع الأردن والحدود كاملة مع لبنان، وأجزاء كبيرة من الحدود مع العراق ليبقى النطاق الحدودي مع تركيا والذي تسيطر وحدات الجيش العربي السوري على مسافات مهمة منه شمال شرق الفرات، على ان يتم حل هذه المسائل مع تركيا بجهود روسية ـ إيرانية بحيث تبقى مشكلة الوجود الأميركي وسيطرته على منابع النفط والأراضي الإستراتيجية الزراعية، والتي لا تزال امراً ضاغطاً على الاقتصاد السوري ومعيشة السوريين خصوصاً بعد صدور قرار "قيصر".

ادلب

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل