خاص العهد
قمة عربية في غياب سوريا: قمة اللاجدوى
محمد عيد
انعقدت القمة العربية في الجزائر بغياب سوريا البلد المؤسس، وصار مشهد القادة العرب وهم يتلون البيانات في غياب تام للحد الأدنى من التوافق مدعاة للرثاء في ظل أزمات سياسية واقتصادية خانقة لم تجد في المنظومة العربية الحاكمة الحد الأدنى من المسؤولية التي يجب أن تتوفر في مثل ظروف كهذه، فيما يطرح غياب سوريا السؤال التالي: ما الجدوى من القمة؟
قمة الانقسامات الكبرى
يرى المحلل السياسي أسامة دنورة أن عنوان "لمّ الشمل العربي ومواجهة التحديات الأمنية والغذائية الراهنة" الذي اتخذته قمة الجزائر شعارًا لها يبدو فضفاضًا للغاية لا سيّما وأنه جاء بعد تأجيل القمة لثلاث مرات بسبب الانقسامات البينية العربية والحروب والأزمات الاقتصادية الكبيرة التي تمر بها المنطقة.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أكد دنورة أن قمة الجزائر تتقاطع مع العديد من القمم السابقة في مسألة غياب سوريا عنها وهو ما يجعلها، وبصرف النظر عن الجهود الصادقة التي بذلتها الحكومة الجزائرية في مساعيها الجادة لحضور دمشق إلى الجزائر، قمة لا تلبي الحد الأدنى من مطالب الشعب العربي في تحقيق التضامن ضمن الزمن العربي الأسوأ.
غياب سوريا مقدمة للتفريط في الحقوق
وتابع دنورة في حديثه لموقعنا أن غياب سوريا كدولة عربية محورية ومركزية عن قمة الجزائر يعكس غياب التضامن العربي الرسمي وتلوث الأجواء العربية إلى الحد الذي لا يمكن معه في المرحلة الحالية على الأقل الحديث عن حلول. أما صدور البيانات والتوصيات عن القمة فيقع في سياق الحديث المكرر المرتبط ببلاغة العرب، وهو عمل يجب عليهم فعله دون أن يتجاسروا على أن يقرنوا القول بالعمل على اعتبار أن اللغة فضفاضة والبيانات يمكن أن ترضي الجميع ولا تثير تحفظات أحد فيما العبرة دائمًا تبقى في التطبيق الذي يبدو أن كدمات الربيع العربي المزعوم لا زالت تترك آثارها الدامية عليه.
وأضاف دنورة أن القمة التي وصفت بأنها "قمة فلسطين" غابت عنها أهم دولة مواجهة للعدو الصهيوني والداعم الأكبر للقضية الفلسطينية وهي سوريا، والتي طالما سبّب حضورها ولأجل فلسطين وقضايا المقاومة بالتحديد إزعاجًا وقلقا للأغلبية الساحقة من النظام الرسمي العربي الذي كان ولا زال يضغط على الفلسطينيين من أجل تقديم التنازلات للكيان الغاصب وتصفية القضية الفلسطينية من أجل بقاء أصحاب الجلالة وحكام التطبيع على عروشهم دون أن يقيموا أي اعتبار لشعوبهم التي لا تزال تتمسك بفلسطين.
وأشار دنورة في حديثه لموقعنا إلى أن هذا ما يفسر الضغوط الكبيرة والهجمات والافتراءات على الجزائر المستضيفة للقمة كواحدة من النظم العربية القليلة التي لا تزال تنتصر لفلسطين، فغاية الكثيرين كانت إفشال القمة ولعل هذا ما يفسر مقاطعة الكثير من الحكام العرب لها.
ولفت دنورة إلى أن تغييب دمشق عن قمة الجزائر رغم إلحاح الجزائر وقبيل مدة طويلة من انعقاد القمة وتأجيلها لها عدة مرات بغرض خلق الظروف المناسبة لعودة سوريا إلى موقعها الريادي والطبيعي كدولة مؤسسة للجامعة العربية يعني تهربا واضحًا من مناقشة الكثير من العناوين الضاغطة على واقع العرب لملفات من قبيل وجود الاحتلالين الأمريكي والتركي على مساحات كبيرة وغنية من الأرض السورية والعراقية وملف مكافحة الإرهاب الذي يضرب البلدين العربيين المهمين فضلاً عن ملف التصدي للاعتداءات الصهيونية المتكررة على الأراضي السورية والتي لم تلق إدانات من أغلبية الدول العربية. وتجاهل هذه الدول لملف اللاجئين واستعماله كورقة سياسية هي التي أسست لمشكلة اللاجئين وساهمت كذلك في تفاقمها أكثر وأكثر.
وفي نهاية حديثه لموقع "العهد" الإخباري وجّه دنورة الشكر إلى الجزائر قيادة وشعبًا واحترامه ككل السوريين لمساعيها الصادقة في لم الشمل العربي والرغبة الملحة في عودة دمشق إلى الجامعة العربية، مشيرًا إلى أنها وإن لم تنجح في تحقيق كل مساعيها الصادقة في هذا السياق فإنها ولا ريب أحرجت العرب المتآمرين على قضاياهم وألقت حجرًا في المياه العربية الراكدة وأطلقت صيحتها على الملأ: "اللهم إني بلّغت".