خاص العهد
"تراث وإبداع": أيام ثقافية سوريّة
محمد عيد
احتفاء بذكرى تأسيسها الـ ٦٤ أطلقت وزارة الثقافة السورية فعاليات احتفالية "أيام الثقافة السورية" تحت عنوان "تراث وإبداع" متضمنة برنامجًا ثقافيًا منوعًا انطلق من دار الأسد للثقافة والفنون ليشمل جميع المحافظات السورية.
أنشطة متنوعة
وتتضمن الفعالية مجموعة من النشاطات في الفن والسينما والمسرح والتراث. في هذا الاطار، كرّمت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح عددًا من المبدعين السوريين وهم المايسترو سمير كويفاتي والأديب عبد الكريم ناصيف والفنانة شكران مرتجى والفنان التشكيلي نبيل السمان.
وتتضمن الأيام الثقافية معرض كنوز أثرية مستردة حمل عنوان "شهداء المديرية العامة للآثار والمتاحف" في المتحف الوطني بدمشق وإعلان نتائج المسابقة الوطنية الأولى للجوقات السورية وحفل توزيع جوائز "الهيئة العامة السورية للكتاب" الأدبية للعام ٢٠٢٢.
وعرضت المؤسسة العامة للسينما بعضًا من اصداراتها لهذا العام مثل افلام "المخدوعون" و" الشراع والعاصفة" و"حكايا من دمشق" وغيرها، كما قدمت مديرية المسارح والموسيقى عروضًا مسرحية متنوعة، فيما قدمت "الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون" معرض لوحات فنية وتصوير ضوئي توثيقي للحرف اليدوية التقليدية والأزياء الشعبية التراثية والخط العربي والأمثال الشعبية رعته مديرية التراث اللا مادي.
وتتضمن الأيام الثقافية معرض "الأهمية التراثية والثقافية للمخطوطات والدوريات القديمة الصادرة في بلاد الاغتراب"، ولم يغب الاحتفاء بالتراث الدمشقي والفلسطيني عن الفعاليات من خلال معرض تشكيلي وآخر تراثي. كما حضرت المهرجانات الشعرية التي حاولت مد اليد لشعراء موهوبين لكنهم مغمورون.
لا ننحاز لعصر دون آخر
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أكدت وزيرة الثقافة السورية الدكتورة لبانة مشوح أن كشافة الثقافة السورية يتابعون كل صغيرة وكبيرة في أية بقعة من سوريا، نافية في الوقت نفسه أن يكون هناك انحياز لعصر دون آخر من العصور التي تعاقبت على سوريا، مشددة على أن الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد من عقد ونيف لم تستطع أن تنال من الهوية السورية ومن حب السوريين للحياة.
وأشارت الوزيرة مشوح في حديثها لموقع "العهد" الإخباري إلى أنه ليس هناك من ثقافة نائية، وأي تجمع بشري على هذه الأرض الطيبة له عاداته وتقاليده ولغته الخاصة التي يستعملها، وكل هذا في بوتقة وطن متكامل، إذا ليس هناك مكان له الأولوية وأمكنة أخرى نائية لا نُعنى بها، والمكتشفات الأثرية هي أكبر دليل على ذلك، نحن نذهب إلى أقصى المناطق في سوريا، الآثار والمتاحف يعنون بأدق التفاصيل. وهناك أيضًا مشروع مهم جدًا واستراتيجي في وزارة الثقافة يعنى بتوثيق التراث المادي من جهة والتراث اللا مادي من جهة أخرى، التراث اللا مادي يعني العادات والتقاليد، الممارسات الفنية، والممارسات اللغوية، الحكايات الشعبية وعناصر التراث الثقافي في كثير من المحافظات تأخذ الآن مكانها وموقعها ونحن الآن نوثقها ونضع قوائم تمهيدًا لتسجيلها على قوائم التراث الوطني".
وحول الاتهامات التي تطال وزارة الثقافة السورية بأنها تنحاز لعصر أو لحضارة معينة دون بقية الحضارات الأخرى التي تعاقبت على هذا البلد قالت وزيرة الثقافة السورية لموقع "العهد" الإخباري إن "لكل مرحلة في الحضارات التي تعاقبت على سوريا أهميتها، كل هذه الحضارات وكل ما أنتجته وكل آثارها تجعل من سوريا فريدة من نوعها وتعطيها حضارتها الخاصة، ليس لحضارة ميزة على أخرى إلا بما منحت الإنسان السوري والإنسان في المنطقة وفي العالم وأغنت كذلك الحضارة العالمية بشكل عام، أما اهتمامنا بالفترة الإسلامية أو بالفترة البيزنطية أو بفترة ما قبل التاريخ أو بالعصر الحجري فهذا ليس اتهاما بل نحن معنيون بكل هذه الفترات لأنها تشكل تاريخنا ومظلتنا ونحن تحت مظلة الوطن بكل مكوناته".
الأزمة لم تنل من الهوية السورية
وأضافت الدكتورة مشوح أن وزارة الثقافة مضى على إحداثها ٦٤ عامًا وهي مدة ليست بالقصيرة قضتها وزارة الثقافة وكل الكوادر فيها في بناء الإنسان والثقافة والذائقة، مشيرة إلى أن
"عشر سنوات ونيف من الحرب لم تستطع أن تنال من هويتنا ومن حبنا للحياة ومن عشقنا لحضارتنا وتراثنا وتمسكنا بهويتنا الوطنية جامعة".
لا نريد أن نبقى أسرى الماضي
وشددت الوزيرة السورية على أن الثقافة هي جملة أمور تراكمية بنيت في "جيناتنا كعرب سوريين" فهي تراث وهي إبداع وهذا يعني بأن السوريين متمسكون بحضارتهم وبهذا التراكم الحضاري والغنى العظيم" ولكننا أيضاً لا نريد أن نبقى أسرى الماضي بل نريد أن نبني مستقبلًا مزهرًا وهوية واضحة المعالم، نتمنى لسوريا كل الخير والازدهار لأجيالها القادمة هي ستنهل من نبع التراث وستبني المستقبل الأفضل".
نقيب الفنانين السوريين محسن غازي: الثقافة فعل مستمر
وفي رده على سؤالنا إن كان ثمة فرق جوهري بين ثقافة الاستقرار وثقافة الازمات، أشار محسن غازي نقيب الفنانين السوريين في حديثه الخاص بموقع "العهد" الإخباري إلى أن الثقافة لها أسس وعلى أساسها تعتمد برامج تساهم في بناء الحالة المعرفية للمجتمع وبالتالي ليس هناك ثقافة استرخاء أو ثقافة أزمة، فالثقافة بمفاهيمها الحقيقية يجب أن تكون فعلًا يوميًا مستمرًا مرتبطًا بكافة المؤسسات التي تعنى بتقديم المعرفة وتساهم في حالة بناء الوعي.
وأضاف نقيب الفنانين السوريين في حديثه لموقعنا أن الواقع الحالي يقول "إننا نعيش أزمة ثقافة" وأزمة قراءة للكتاب وأزمة متابعة وكذلك هناك أزمة بمشاهدة السينما ومتابعة المسرح، مشيرًا إلى أن الظروف قد تكون وراء ذلك في وقت يعز علينا أن لا نرى الكتاب بين أيدي الناس وهذا يخلق لنا تحديا ويجعلنا نذهب باتجاه أن هنالك أزمة.
الفنانة شكران مرتجى: الأزمة طالت الثقافة وكل شيء
المهرجان شهد تكريم الفنانة السورية - الفلسطينية شكران مرتجى التي أكدت في تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري أنها لا تستغرب هذا التكريم رغم أن العرف جرى بأن الفنان يكرم في أواخر أيامه أو حين يكون على "قيد الموت" .
وحول ما اذا كانت هناك أزمة في الثقافة السورية، أكدت مرتجى لموقعنا أن هنالك أزمة في كل شيء لأن الحرب طالت كل مفاصل الحياة، مضيفة أن هذا ليس تقديمًا للأعذار بمقدار ما هو حقيقة فنحن طالتنا الحرب وما زالت مستمرة على عدة مسارات، وهي ليست فقط مدافع ورشاشات وطيران فالحرب الصامتة هي الأكثر قتلًا.