خاص العهد
سورية والعراق نحو تطوير التعاون الاقتصادي
دمشق - علي حسن
بالرغم من العلاقات الوثيقة التي تجمع بين سورية والعراق، والنوايا المتوافرة لتعزيزها، إلا أن الظروف والأحداث التي ضربت المنطقة حالت دون تطوير التعاون الاقتصادي بينهما. اليوم ومع تغيّر الظروف وأجواء الانفتاح التي تعم المنطقة، تسعى كل من دمشق وبغداد لوصل ما انقطع واقامة أفضل العلاقات الاقتصادية بينهما. وفي هذا السياق، جاءت زيارة وزير التجارة العراقي إلى دمشق برفقة وفد اقتصادي رفيع المستوى للمشاركة في اللجنة السورية العراقية بدورتها الحادية عشرة والتي اقيمت في فندق الداماروز.
* اتفاقيات ترسم حجم التعاون الاقتصادي في المستقبل
وحول أهم الاتفاقات المبرمة بين الجانبين وتأثيراتها الايجابية على البلدين، قال الخبير الاقتصادي مضر غانم إن اجتماعات اللجنة السورية - العراقية الأخيرة أثمرت مجموعة من الاتفاقيات المتنوعة والشاملة بين البلدين، لا سيما في مجالات التجارة والصناعه والمصارف والتأمين والجمارك والطاقة والسياحة والتنمية الحضرية ودعم الاستثمار والتعاون لمواجهة تقلبات السوق والصحة والتعليم العالي والبحث العلمي، بالاضافة الى اقامة المعارض المشتركة. وأوضح الخبير الاقتصادي أن هذه الاتفاقيات ترقى بكثافتها وتنوعها إلى مستوى التكامل الاقتصادي وستكون لها نتائج ايجابية يلمسها مواطنو البلدين في المستقبل القريب.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن الظروف التي حلت بالبلدين والمنطقة بشكل عام ووجود القوات الأمريكية في شرق الفرات حالت دون تنفيذ العديد من الاتفاقيات الثنائية في الماضي وبقيت حبرًا على ورق، إلا أنه رأى أن المتغيرات التي يشهدها الاقليم بشكل عام ستصب في صالح تفعيل الاتفاقات السابقة والاتفاقات التي تم اعلانها مؤخرًا وأن لكلا البلدين الكثير مما يستطيعان تقديمه في هذا المجال.
واعتبر غانم أن الصناعات السورية ورغم الدمار الكبير الذي لحق بها خلال الحرب بدأت باستعادة عافيتها ولا شيء يمنع من تدفق البضائع السورية إلى العراق خاصة وأن العراق كان السوق الرئيسية لتلك البضائع قبل الحرب.
* التكامل الاقتصادي مع بغداد لا ينفصل عن التكامل مع طهران ومحور المقاومة
الكاتب والباحث عمار عيد رأى أن الاتفاقيات التي وقعت بين سورية والعراق رغم ضخامتها وأهميتها ليست إلا جزءًا من عملية التكامل الاقتصادي مع الجمهورية الإسلامية الايرانية خاصة وأنها جاءت بالتزامن مع زيارة الرئيس رئيسي إلى سورية والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين وكذلك الاتفاقيات التي وقعت بين الجانبين العراقي والايراني، وبالتالي فإننا أمام حالة ربط بري بين الدول الثلاث سورية والعراق وإيران يتناسب مع التحالفات السياسية بينها. واوضح عيد أن ادراك بعض الدول العربية وخاصة الخليجية منها عقم سياستها السابقة في تفكيك العلاقة بين دول محور المقاومة وكذلك قرار تركيا بالعودة إلى سياسة صفر مشاكل وتصفية مشاكلها مع سورية موقف يجمع عليه مرشحا الإنتخابات التركية أيًا كان الفائز فيها ما سيوفر المناخ المناسب لحالة التكامل الاقتصادي المنشودة.
وأضاف الكاتب والباحث السياسي أن الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال وجودها في شمال شرق سورية ودعمها لـ"داعش" في البادية السورية ستواصل مساعيها لعرقلة هذا التكامل الاقتصادي وافشاله.
* محاولات سابقة افشلتها الفوضى ومن وقف خلفها
وحول تاريخ التعاون الاقتصادي بين سورية والعراق قال الكاتب والباحث السياسي عمار عيد أن سورية والعراق بالإضافة إلى الجمهورية الإسلامية كانا على مقربة من تحقيق هذا التكامل في الفترة التي سبقت ما يسمى بالربيع العربي، مؤكداً أن سورية والعراق كانا قد وقّعا اتفاقيات استراتيجية لربط البلدين بسكك الحديد واحياء أنابيب النفط والغاز من العراق إلى الموانئ السورية وكذلك الغاء التعرفة الجمركية إلا أن قرار احداث الفوضى في المنطقة تحت يافطة ما يسمى بالربيع العربي والخراب المقصود والمتعمد واذكاء روح التطرف والتي يعرف الجميع من كان يقف خلفها حالت دون تنفيذ تلك الاتفاقيات وسممت الأجواء وقطعت جسور التواصل بين دول وشعوب المنطقة.
ولفت عيد إلى أن صمود وتضحيات محور المقاومة من طهران إلى بيروت مرورًا ببغداد ودمشق أفشل مشروع تخريب المنطقة وأعاد بعض المراهنين عليه إلى رشدهم ليدركوا أن الحل الوحيد بالتفاهم والحوار والتعاون وليس العكس.