خاص العهد
قروض "الإسكان" عائدة.. وهذه الآلية للحصول عليها
فاطمة سلامة
كثيرًا ما نسمع حولنا من يتحسّر على قروض "الإسكان" التي باتت من الماضي. يصفونها بـ"طاقة الفرج" التي أقفلت كحال الكثير من الأبواب الموصدة في هذا البلد. وعليه، بات امتلاك شقّة سكنية بمثابة حُلم لكثيرين في بلد باتت فيه القدرة الشرائية معدومة، أو بالأحرى في بلد يفتقد لسياسة إسكانية شاملة تُوفّر للمواطن السكن اللائق كحق من حقوقه.
وقد شهدت الآونة الأخيرة "طفرة" غير مسبوقة في عدد الباحثين عن منازل للإيجار بعدما بات هذا الأمر ملاذًا وحيدًا لمن لا يملك منزلًا، الأمر الذي جعل أسعار الإيجارات فالتة من عقالها. الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين يؤكّد أن لا أحد يملك إحصاءات دقيقة حول نسبة الارتفاع في الطلب على الإيجارات لكنّه يوضح أنّ حوالى 30 ألف قرض سكني كان يُعطى سنويًا من ثلاث جهات: المؤسسة العامة للإسكان، مصرف الإسكان، والمصارف. وقد أُعطي حوالى 300 ألف قرض سكني على مدار السنوات الماضية قبل أن تتوقف القروض في عام 2019، ما يعني عمليًا أنّ 30 ألف شخص كانوا يستفيدون من القروض لشراء منازل سيتحوّلون سنويًا الى خيار الإيجار إضافة الى النسبة المُستأجرة في الأصل.
وعلى وقع "اليأس" الذي تسلّل الى نفوس كثيرين بإمكانية تملُّك منزل، أتى إعلان مصرف الإسكان عن قروض سكنية جديدة وفقًا لقرض الصندوق العربي. طبعًا الإعلان عن القرض ليس جديدًا، لكن ما هو جديد سلوك طريقه نحو التنفيذ قريبًا. وعليه، من سيستهدف القرض؟ كم تبلغ قيمته؟ بأي عملة سيُسدّد؟ وكم تبلغ الفترة الزمنية للسداد؟ ما شروط الحصول عليه؟ وكيف السبيل لتقديم الطلب؟.
حبيب: القرض يتراوح بين 40 و50 ألف دولار
للإجابة عن هذه الأسئلة، كان لموقع "العهد" الإخباري حديث مع المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب الذي استفاض في الحديث عن كل ما يتعلّق بالقرض. يتحدّث حبيب من موقعه المالي والاقتصادي، ويعتبر أنّ ملف السياسة الإسكانية ومسألة وجود وزارة إسكان هما أمران تقرّرهما الحكومة. وقبل الدخول في تفاصيل القرض يلفت حبيب الى أنه ومنذ توقف القروض السكنية في 26 تشرين الثاني 2019 يقوم مصرف الإسكان بواجباته اذ سبق أن أعطى قروضًا بالليرة اللبنانية في حزيران عام 2022 عندما كان سعر صرف الدولار 20 ألفًا.
لكن قسمًا كبيرًا من تلك القروض بقي آنذاك عالقًا بسبب النقص في الأوراق والمستندات التي يجب أن يحصل عليها المقترض كشرط لمنحه القرض. النقص المذكور لا علاقة لنا به يقول حبيب الذي يشير الى أننا كمصرف أعطينا الموافقة المبدئية للمقترضين. وافقنا على إعطاء نحو 7000 الى 8000 قرض مبلغًا على أساس استكمال الشروط والمستندات من إفادة عقارية، وسجل عدلي والى ما هنالك. لكن مع الأسف ــ يضيف حبيب ــ فالموافقات موجودة ولغاية اليوم لم يحصل مقدّمو الطلبات على المستندات اللازمة. البعض استحصل عليها فأعطيناه القرض، ومن لم يستحصل نحن بانتظاره. عملنا واجباتنا كمصرف إسكان ولكن إضراب القطاع العام كان عائقًا أمام كثيرين، وعليه المطلوب من الحكومة أن تقوم بواجباتها في هذا الإطار لتيسير أمور المقترضين.
هذا في الماضي ــ يقول حبيب ــ الذي ينتقل للحديث عن قرض الصندوق العربي الذي اتّخذ فيه مجلس الوزراء قرارًا قبل أيام (26/5/2023) بتعديل قيمته من الليرة اللبنانية الى الدولار. قيمة القرض الإجمالية ــ وفق حبيب ــ 50 مليون دينار كويتي أي ما يعادل 165 مليون دولار. ينوّه حبيب بالسرعة التي تم فيها إدراج القرض على جدول أعمال جلسة الحكومة بعدما أبدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة كل تعاون. وبحسب حبيب، سيتم إعطاء قرض بقيمة 40 ألف دولار لذوي الدخل المحدود، و50 ألف دولار لذوي الدخل المتوسط تُسدّد على مدار 20 عامًا كحد أقصى وسبع سنوات كحد أدنى بمعنى أن المقترض لا يمكنه سداد القرض قبل هذه المدة مع فترة سماح ثلاثة أشهر.
عملة السداد
كيف سيُسدد القرض؟ وبأي عملة؟ يُجيب حبيب عن هذا السؤال بالإشارة الى أنّ سداد القرض سيكون بالعملة ذاتها التي اقترض بها الشخص أي بالدولار، علمًا أننا سنسعى للحصول على الضمانات اللازمة ليتم التسديد بالعملة ذاتها لجهة الضمانات العينية والشخصية. ماذا عمن يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية؟ هل سيكون لهم فرصة الحصول على قرض؟ يؤكّد حبيب أنّ مسألة أن يكون المقترض "مكفول العائلة" ستسمح له بالحصول على قرض، بمعنى قد يتلقى هذا الشخص مساعدات من أبنائه أو أهله، كل هذه الأمور تؤخذ بعين الاعتبار. وهنا يشير حبيب الى أنّ أي ربّ أسرة يريد استئجار منزل لن يجد بأقل من 200 الى 300 دولار. هذه المبالغ التي يدفعها من الأفضل له أن يسدّدها لشراء منزل بدل استئجاره.
الفائدة ومساحة السكن
وحول نسبة الفائدة، يوضح حبيب أنّ هذه المسألة لم تُحسم بعد لكننا نسعى جاهدين مع الصندوق العربي لخفضها كي لا يكون معدل الفائدة كبيرًا في محاولة لمساعدة المقترض. ماذا عن شروط الحصول على قرض؟ يوضح حبيب أن أول الشروط يتمثل بأن لا يكون للشخص المقترض أي منزل على جميع الأراضي اللبنانية ــ وهذا الأمر سيتم التأكد منه من قبل مصرف الإسكان ــ، كذلك أن لا يكون قد استفاد مسبقًا من أي قرض مدعوم، فكل من استفاد من قرض مدعوم لا يحق له الاستفادة. كما يحتاج المقترض الى الحصول على إفادة عقارية وسجل عدلي وأن يقدّم ضمانة سواء عبر العمل أو "كفالة العائلة" ما يضمن السداد. كما أنّ مساحة المسكن المنوي شراؤه يجب أن لا تتجاوز الـ 150 مترًا.
المنصة باتت شبه جاهزة وسيتم إطلاقها قريبًا
يلفت مدير مصرف الإسكان الى أنّ القرض سيُغطي نحو 6000 وحدة سكنية على جميع الأراضي اللبنانية. وتفاديًا للتدخلات السياسية والوساطات يتم العمل على منصة سينطلق العمل بها خلال أقل من أسبوع بعدما باتت شبه جاهزة. تلك المنصة ستُطلق ويعلن عنها بعد أخذ موافقة مجلس الإدارة الذي سيجتمع قريبًا والموافقة الخطية من الصندوق العربي. وفق حبيب، بإمكان أي مواطن التقدم بطلب للحصول على قرض من منزله سواء أكان في الريف أو المدينة أو أي مكان وملء الشروط اللازمة. وفي حال أتى الرد إيجابيًا ووافق مصرف الإسكان لا بد من تحصيل طالب القرض للمستندات اللازمة والتي عملنا على تقليلها قدر الإمكان. وهنا يعود حبيب ويكرّر أن من مسؤولية الحكومة السعي لإرضاء القطاع العام لحل أزمة الإضرابات كي يتمكّن المقترض من الحصول على الأوراق الرسمية اللازمة لتقديمها، فمن دون تلك الأوراق لا يمكن إعطاء القروض.
لا أولوية لأحد
يشدّد حبيب على أن لا أولوية لأحد. القروض مفتوحة لجميع اللبنانيين. وفق المتحدّث، لا يمكن للمصرف الاطلاع عبر المنصة لا على الاسم ولا الدين ولا الطائفة ولا المنطقة للشخص المتقدّم بالطلب، بل يتم اتخاذ القرار وفقًا للرقم، وبعدها يبدأ الشخص بتقديم المستندات اللازمة.
الأصعب "راح"
وحول التاريخ الذي سيبدأ به المصرف بإعطاء القروض، يؤمن حبيب أن الأصعب "راح" بعد موافقة مجلس الوزراء وتصديق القرار. وهنا يوضح حبيب أنّنا زرنا أيضًا هيئة التشريع والاستشارات وأخذنا موافقتها، وزرنا رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أبدى كل دعم للموضوع. كما جرى الاتصال بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي أعطى موافقته المبدئية بتحويل القرض عندما يتم إرساله الى الدولار الأميركي وإيداعه في حساب مصرف الإسكان المفتوح بالدولار النقدي ليدفع المصرف هذه المبالغ. وهنا يشير حبيب الى أن مصرف الإسكان اتفق مع الصندوق العربي على تحويل قيمة القرض على ثلاث دفعات. كذلك تم التوافق مع مجلس الإنماء والإعمار على إرسال كتاب الى المدير العام للصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي محمد بدر محمد السعد اليوم لإعطاء الموافقة الخطية والنهائية بخصوص القرض الذي أعطي لمصرف الإسكان بموجب مصادقته مع مجلس النواب اللبناني، يختم حبيب حديثه.