خاص العهد
هل باتت زيارة الوفد الرسمي اللبناني الى سورية قريبة؟
فاطمة سلامة
على الدوام، يُطالعنا في الإعلام من يدعو لحل أزمة النزوح السوري في لبنان. المطالبات لا تقتصر على فريق سياسي دون آخر. على ما يبدو ــ ظاهرًا أقله ــ الجميع يريد ذلك. وفي المقابل، تُعرب الدولة السورية عن تجاوبها لأقصى الحدود في هذا الملف لا بل تدعو النازحين للعودة، ما يعني باختصار أننا أمام مطالبات تلقى آذانًا صاغية ولا ينقصها سوى التنفيذ.
إلا أنّ المفارقة أنه ورغم سنوات على هذا الواقع لم تسلك هذه القضية مسارها نحو التنفيذ. ثمّة عناد سياسي ومكابرة غير مفهومة وغير مبرّرة رغم كل المغريات والتسهيلات المطروحة. الحكومات اللبنانية أخطأت كثيرًا في التعامل مع هذا الملف. القضية لا تحتاج سوى أن يتشكّل وفد وزاري على قدر أهمية القضية أي من أعلى مستوى. لا يكفي أن يتم إرسال وزراء بـ"المفرّق". المفروض أن يتوجّه رئيس الحكومة ومعه عدد كبير من الوزراء إلى سورية لمصلحة الدولة اللبنانية أولًا وأخيرًا. صحيح أنّ سورية تدعو نازحيها للعودة لكنها لا تبدو متضرّرة من عدم عودتهم كما يتضرّر لبنان. الأخير يدفع كل يوم أثمانًا باهظة في شتى المجالات الاقتصادية والمعيشية والأمنية والاجتماعية، وهو في الأصل ما فيه يكفيه من "أزمات" خاصة أنّه البلد الثاني عالميًا في احتضان النازحين بالنسبة إلى عدد سكانه، وفق اعتراف حديث لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الـ"UNHCR".
أمس الأربعاء (21/6/2023) طُرحت قضية النازحين السوريين في الجلسة الحكومية من بوابة طلب وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين أن يتحدّد موعد لزيارة الوفد الرسمي اللبناني الى سورية. يتحدّث شرف الدين لموقع "العهد" الإخباري عن هذه القضية فيشدّد على أنّ الكرة اليوم في ملعب لبنان لأن سورية تمد يدها للتعاون معنا وهذا واجبها تجاه النازحين، لكن يبقى القرار السياسي الذي يجب أن يصدر من لبنان. وهنا يشير شرف الدين الى أنّ مجلس الوزراء كلّف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب التواصل مع المعنيين في سورية لأخذ موعد لزيارة وفد رسمي برئاسته وعضوية كل من: وزير المهجرين، الشؤون الاجتماعية، العمل، الثقافة، السياحة، الإعلام، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع والمدير العام للأمن العام.
يشدّد شرف الدين على أنّ من واجباتنا كدولة لبنانية تعاني من أزمة النازحين وتداعياتها الاقتصادية، والبيئية، والتربوية وحتى الأمنية أن نتابع هذه القضية. وفي هذا السياق، يؤكّد أننا كوزارة مهجرين أنجزنا منذ العام الماضي الخطط اللازمة لحل الأزمة بموازاة تجاوب واضح من الدولة السورية. الأخيرة كانت متجاوبة لكنّ التأخير من لبنان، يكرّر شرف الدين.
تداعيات واسعة
يعيد وزير المهجرين التأكيد أنّ أزمة النازحين السوريين أرخت بتداعيات واسعة على لبنان. تلك التداعيات طالت "رغيف الخبر" والكهرباء. على مدى 11 عامًا كان يتم دعم الكيلو واط دون سعر الكلفة. الكلفة كانت سابقًا تعادل 12 الى 14 سنتًا كان يُدفع منها نصف سنت فقط. وأيضًا، ثمّة أكلاف تربوية، يُضاف اليها الضغط الحاصل على البنية التحتية ومشاكل الصرف الصحي والنفايات الصلبة ما أحدث آثارًا بيئية، إضافة الى آثار اجتماعية تتمثل في أنّ العامل السوري لديه كفاءة وإنتاجية ويتقاضى راتبًا أقل، ما يعني أنه أوفر اقتصاديًا من العامل اللبناني ما خلق منافسة في سوق العمل. وهنا يشير المتحدّث الى أن أزمة النازحين تحمل تداعيات على المدى البعيد قد تكون ديمغرافية خطيرة.
وفي الوقت الذي تضغط فيه بعض الدول والمنظمات الدولية لإبقاء النازحين السوريين في لبنان عبر ابتزازهم بشتى الوسائل، يلفت شرف الدين الى أنّ دول الاستعمار عوّدتنا على خلق فتن من خلال صراع الإثنيات والمذاهب والطائفية لتحقيق مآربها المعروفة في سورية. تلك المآرب تتمثل تحديدًا في وضع اليد والاستيلاء على منابع الثروة النفطية في شمال شرق هذا البلد. وفق شرف الدين، الهدف واضح منذ دعم هذه الدول لما تُسمى "المعارضة السورية". المطلوب كان تدمير سورية لسرقة الموارد وهذا ما حصل، ولو تمكنت هذه الدول من تغيير النظام لفعلت.
النازحون السوريونعصام شرف الدين