خاص العهد
كيف تُحصّن الكويت نفسها من الخيانة الجارفة لفلسطين؟
لطيفة الحسيني
تُواظب الكويت على تقديم فروض الإخلاص للقضية الفلسطينية. "طوفان الأقصى" وما تبعه من عدوان صهيوني لم يسبق له مثيل، ضاعَفَ الدعم الكويتي الرسمي والشعبي لأهل الأرض المحتلّة، ولا سيّما لأبناء قطاع غزة المُحاصر. تُحارب الإمارة الخليجية الصغيرة بين دول مجلس التعاون وحدها اليوم عواصف التطبيع، وتتصدّى لكلّ ما يمكن أن يجرّها الى هذه الموجة.
صحيحٌ أن الشعوب العربية مُصابة منذ الـ1948 بخيبةِ أملٍ تتعاظم سنة بعد سنة، لكنّ السياسة العربية المُتّبعة في الكويت لا تبدو هادمةً لخواطر الجماهير المُناصرة للقضية الفلسطينية. في حزيران /يونيو عام 1967، قرّرت الكويت ألّا تقف عند التلّ، بل أن تكون خصمًا واضحًا للعدو الصهيوني وعصاباته وأن تظلّ في حالة حرب دفاعية معه، كما أرسى المرسوم الصادر عن الأمير الراحل صباح السالم الصباح.
كجسمٍ واحد، بدا أهل الحكم في الكويت خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة وكذلك الهيئات الشعبية المُختلفة. وليّ العهد مشعل الأحمد الجابر الصباح، وزارة الخارجية، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة التربية، مجلس الأمة، بعثة الكويت في الأمم المتحدة، الهلال الأحمر الكويتي. أمّا ساحة الإرادة التي تقع أمام مبنى البرلمان وتحظى برمزية لدى الكويتيين، فكانت قبلة كلّ المُتضامنين مع غزة وأهلها على مدار 40 يومًا.
كيف تُحصّن الكويت نفسها من موجات الخيانة السائدة اليوم؟ وماذا تستطيع أن تُقدّم من أجل فلسطين؟ الكاتب الكويتي عبد الوهاب جابر جمال يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن أهمية دور بلاده في ظلّ المواجهة المفتوحة مع العدو الصهيوني، فيرى أنها "تمتلك برلمانًا يعكس الصوت الشعبي الحقيقي المُنسجم مع خيار المقاومة ما يُحتّم على القيادة السياسية مُلازَمة دعم القضية الفلسطينية بناءً على مرسوم عام 1967 الذي يؤكد أن البلاد في حالة حرب مستمرّة مع الكيان الصهيوني".
يُشدّد جمال على أن "الموقف الرسمي لا ينفصل عن الموقف الشعبي"، ويُذكّر بأن "الكويت كانت تحتضن أغلب حركات المقاومة منذ بداية القضية الفلسطينية، وهو ما يجعلها اليوم تبقى على موقفها المُعلن"، ويُشير الى أن "الكويت ما زالت متمسّكة بعروبتها وإسلاميتها وبمقاومتها لهذا الكيان الصهيوني".
برأي جمال، هناك استحالة لأن تُبدّل الدولة الكويتية موقفها من القضية الفلسطينية نتيجة وجود البرلمان إضافة الى الضغط الشعبي الذي لم يهدأ منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" وظلّ يخرج رفضًا للإجرام الصهيوني ودعمًا للمقاومة الفلسطينية.
يلفت جمال الى أن "الكويت سيّرت جسرًا جوّيًا عملت عبره لإغاثة الشعب الفلسطيني وإيصال المساعدات الى قطاع غزة، وهي بالفعل استطاعت إدخال كمية كبيرة من المواد الغذائية والاستهلاكية وكذلك سيّارات الإسعاف"، ويوضح أن "الجسر الجوي سيّر الى الآن 19 رحلة إغاثية الى غزة عن طريق مطار العريش للدخول الى رفح".
وإذ يتمنّى أن "تُمارس الكويت دورها من موقعها كبلد العمل الإنساني للضغط باتجاه وقف العدوان على غزة وإطلاق النار خاصة أن لديها علاقات متينة جدًا على مستوى دول الخليج والعالم"، يعتبر أن "الكويت تشهد اليوم حال طوارئ إنسانية دعمًا لغزة عن طريق هلالها الأحمر وجمعياتها الخيرية".
بحسب جمال، من الطبيعي أن تتعرّض الكويت لضغوطاتٍ سياسية في هذه المرحلة، غير أن وجود البرلمان فيها من شأنه أن يُحصّنها من إمكانية حصول أيّة تغييرات نتيجة التشريعات والاتفاقيات التي تُبرمها الدولة استنادًا لقرار مجلس الأمة.
يخلص جمال الى أن لدى الكويت من الأوراق ما يمكن أن تستخدمه في سياق حماية نفسها من موجة التطبيع في مُحيطها، فخطوطها الجوية تحظر صعود أيّ اسرائيلي على متنها على الرغم من أن هذا الأمر عرّضها لبعض المضايقات، كما أنها تحفّظت على مشروع التأشيرة السياحية المُشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي لما يحمل ذلك من تبعاتٍ خطيرة لناحية تسلّل صهاينة الى أراضيها من دول خليجية مُطبّعة، وهذا يُحسب لها.