خاص العهد
مستشفى الشفاء.. إخفاق جديد لنتنياهو
حسن شريم
في ظلّ الصمود الأسطوري الذي يسجله الشعب الفلسطيني، وما يرافقه من ملاحم بطولية وانتصارات عظيمة تسجلها المقاومة الفلسطينية، يكتمل المشهد الذي يعكس الهزيمة المدوية التي مُني بها رئيس حكومة العدو بنيامين نتياهو وكيانه الغاصب. الأخير يستشيط غضبًا ساعيًا لتحقيق انتصار -ولو وهمي- يرمّم به صورته التي مُزّقت أو يستعيد بعضًا من هيبة جيشه الذي قهر وذلّ على أيدي المقاومين البواسل.
ولعل الإبادة الجماعية والمجازر التي ذهب ضحيتها أكثر من 11320 شهيدًا، بينهم 4650 طفلًا و3145 سيدة، لم تروِ ظمأ "طاغوت العصر"، حتى واصل إجرامه واستبحاته لحرمات المساجد والمستشفيات ضاربًا عرض الحائط بكل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وأبسط الحقوق الإنسانية.
وفجر اليوم الأربعاء، وبعد حصار عسكري واستهداف مباشر، أوعز نتنياهو لجنود الاحتلال باقتحام مجمع الشفاء الطبي الذي تأسّس عام 1946 وسط مدينة غزة، وبداخله الآلاف من النازحين والجرحى والمرضى والأطقم الطبية.
يلهث نتنياهو وراء التقاط "صورة" انتصار مزيفة، يسعى لتحقيق إنجاز مزعوم، إنجاز يواجه فيه جنود الاحتلال الأطفال الخدّج، يواجهون مرضى ونساء وشيوخًا، يلتقطون صورًا يعبثون فيها بما تبقى من حياة في مشهدية توجز حجم المراهقة السياسية التي يتمتع بها نتنياهو الذي يصر على إكمال مسرحيته المكشوفة.
وعليه، "إنّ محاولة تصوير نتنياهو وجيشه اقتحام مستشفى الشفاء كأنه انتصار يُعبّر عن الفشل والارتباك وعمق الهزيمة التي يتكبدونها"، يقول الخبير العسكري العميد الدكتور أمين حطيط لموقع "العهد"، ويضيف أنّ "استهداف المستشفيات والمراكز الطبية مخالف لكافة القوانين والمعاهدات الدولية لا سيما معاهدة "جنيف"، فاستهداف جيش العدو للمستشفيات دون دليل قاطع وحسي وأكيد على خروجها عن الإطار الصحي واستعمال التضليل، يعتبر جريمة حرب".
وفي ما خص مستشفى الشفاء يُضيف العميد حطيط "العدو اعترف وأقرّ بأنه لم يضبط سلاحًا أو قياديًا، الأمر الذي يدحض مزاعمه بوجود مقاومين وينفي الأسباب التي اقتحم المستشفى على أساسها".
الأمر الآخر والمثير للاستغراب بحسب العميد حطيط، هو أنّ "اقتحام المستشفى تمّ من دون أن يكون هناك من يقاتل من داخل المستشفى، هذا الأمر بالمعنى العسكري هو "دخول" وليس "اقتحامًا" لأنه لم يواجه مقاومة، فطالما أنّ المستشفى مرفق مدني طبي وليس ثكنة عسكرية ولا يوجد فيه أي قوة قاتلت أو "انسحبت"، فوصول دبابات الاحتلال الإسرائيلي إليه ليس إنجازًا عسكريًا بل على العكس، دخول المستشفى جريمة حرب ارتكبتها "إسرائيل"".
أداء المقاومة العسكري مُميّز
وعن أداء المقاومة الفلسطينية العسكري، يقول العميد حطيط، إنّ "أداء المقاومة العسكري مميّز فهي التزمت بالقواعد الإنسانية والأخلاقية والشرعية والقانونية ولم تقم بأي عمل يسجّل عليها أو ضدّها، بعكس العدو الذي تفنّن بحجب الحقيقة وحجب الإعلام وكان يرتكب الموبقات والجرائم، من هنا نقول إنّ المقاومة بالتزامها نجحت مرتين، مرة في الميدان عندما منعت العدو من تحقيق أي إنجاز، ومرة أخرى نجحت بالحفاظ على صورتها المشرقة".
ويتابع العميد حطيط "بالموازاة خسر العدو مرتين، الأولى في الميدان بحيث لم يحقّق إنجازًا عسكريًا يمكن أن يُعتدّ به، وخسر أيضًا في الصورة العامة حيث تبيّن بكلّ وضوح أنّه وحش بشري -رغم أنّه يصف أعداءه بهذا الأمر-، وأيضًا بخرقه القوانين فلا يحترم أي مبدء شرعي أو قانوني أو أخلاقي بأي شكل من الأشكال، فما فعله هو الحصار وتجويع الأطفال والإبادات الجماعية الأمر الذي جعل التأييد الغربي له يتراجع عما كان عليه في أول الحرب.
ووفق العميد حطيط "نستطيع القول إنّ العدو في هذه الحرب التي يخوضها خسر ماديًا وخسر عسكريًا ميدانيًا، وخسر سياسيًا وإعلاميًا وأخلاقيًا".
وعن إمكانية ردّة فعل نتنياهو نتيجة إخفاقه في مستشفى الشفاء ختم العميد حطيط قائلًا: "لم يبقَ أمام نتنياهو سوى المزيد من الاختلاق والكذب والمزيد من الإجرام والوحشية، ولا يوجد أمامه أي إمكانية لتحقيق أي إنجاز عسكري لأنّ المقاومة في تنظيم ذاتها وتنظيم دفاعاتها حرمته هذه الإمكانية".