خاص العهد
مئة يوم بعد الثقة..ماذا أنجزت الحكومة؟
فاطمة سلامة
في الخامس عشر من شباط/فبراير الماضي منح البرلمان الثقة لحكومة الرئيس سعد الحريري. مُنحت فترة سماح مئة يوم لتحقيق الإنتاجية، على غرار الحكومات الأخرى. في الخامس والعشرين من أيار/مايو تُتم الحكومة أيامها المئة بعد الثقة. السؤال عما قدّمت يداها بات مشروعاً. أسئلة كثيرة تُطرح في هذا السياق: ماذا أنجزت حكومة "الى العمل"؟ هل كانت على قدر التوقعات أم أنّ المتاريس السياسية فعلت فعلها وعرقلت عملها؟.
يكفي أن ننظر الى مقررات الحكومة على موقع رئاسة مجلس الوزراء على مدى ما يُقارب المئة يوم من عمرها، حتى يتبيّن لنا ما حقّقته حتى تاريخه. 26 جلسة عُقدت، 18 منها خُصّصت لمناقشة موازنة عام 2019. ثماني جلسات فقط ناقشت فيها الحكومة باقي الملفات.
ولعلّ أكثر ما يلفت في مسألة مقاربة ما حقّقته الحكومة أنّ التقييم يختلف بين وُجهتي نظر. أولى ترى في ما حقّقته الحكومة "إنجازاً" على اعتبار أنّه "أفضل الممكن". وثانية ترى أنّ الحكومة لم تكن على قدر التوقعات، على اعتبار أنها لم تُحقّق الشعار الذي حملته لناحية العمل على تحسين ظروف اللبنانيين. بل على العكس انبرت الى قضم حقوقهم. مؤيدون لعمل الحكومة يردون على هذا الكلام بالإشارة الى أنّ هذه المسألة لا تتم بين ليلة وضحاها بل تحتاج الى خارطة طريق ورؤية اقتصادية شاملة. ويُبرّرون "التقصير" -إن حصل- بجملة أمور خارجة عن إرادة الوزراء، تبدأ بعامل الوقت الذي لا يمكن اعتباره كافياً ولا تنتهي باستحقاق الموازنة الذي أخذ حصّة الأسد من الجلسات الحكومية.
ولعلّ الكلام الإيجابي الذي رافق تشكيل حكومة العهد الأولى -كما يحلو لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون تسميتها انطلاقاً من أنّ ما سبقتها لم تكن سوى حكومة انتخابات-، هذا الكلام حمّل الحكومة مزيداً من المسؤولية ووضعها تحت المجهر للتدقيق في ما تنجزه. "راضون" عن عمل الحكومة يوجّهون الأنظار لدى سؤالهم عن الانتاجية الى خطة الكهرباء. برأيهم، تُشكّل هذه الخطة إنجاز الإنجازات، بعدما جرى تعطيل إقرارها على مدى تسع سنوات. هذه الخطة تُشكّل فرصة لوقف الهدر وتأمين الكهرباء للبنانيين 24/24. يُشيرون أيضاً الى الموازنة "التقشفية" التي يجري إعدادها والتي تضمّنت قرارات ساهمت في تخفيض العجز بنسبة كان يحلم بها لبنان.
على المقلب الآخر، يبرز من ينتقد وتيرة العمل الحكومي. يُشبّه مجلس الوزارء بمعلّم "كسول" يُقصّر في تأدية مهامه. يُبرّر من يتبنى هذه النظرية كلامه بالسؤال: كم قرارا هاما تضمّنت مقررات مجلس الوزراء على مدى مئة يوم؟. يُجيب على نفسه بالإشارة الى أنّ معظم البنود كانت موافقة على طلبات سفر، وعقد اتفاقيات قروض، فضلاَ عن قبول هبات. لا يُنكر صاحب الكلام المذكور أنّ الحكومة "اشتغلت" لكنّه لا يرى في عملها انجازات فعلية. حتى الموازنة التي أخذ النقاش حولها ما يقارب ثلثي الجلسات، وتأخّر انجازها كل هذا الوقت، لم تُنجَز كما يجب، وفق ما يقول المصدر. برأيه، فإنّ بعض القرارات التي اتخذت لتخفيض العجز لم تكن واقعية.
يذهب المصدر بعيداً في حديثه عما حقّقته الحكومة بالتنبيه الى أنّه وطالما لا تزال المناكفات السياسية تأسر عمل مجلس الوزراء، فإنّ الانتاجية لن تكون عالية، وإن الوقت سيُستنفد بكلام لا طائل منه. يُعطي مثالاً "بسيطاً" على ذلك، الأجواء التي رافقت زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الى سوريا، حيث خاض وزراء "القوات" حملة على الغريب وبدل أن يتناقش المجتمعون في جدول أعمال الجلسة، ضاع الوقت بين القيل والقال وامتدّ النقاش في هذا الأمر على مدى أكثر من جلسة.
ومما لا شكّ فيه أنّه سواء نُسب للحكومة إنجاز أم لم يُنسب، ينتظر هذه الحكومة الكثير الكثير من المهمات ولعلّ أولاها إيجاد فرص عمل للبنانيين في بلد يتخبّط اقتصادياً على أمل أن يقف على رجليه.