يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

غلاء الاسعار.. وزارة الاقتصاد تتجه الى اجراءات أكثر صرامة
24/12/2019

غلاء الاسعار.. وزارة الاقتصاد تتجه الى اجراءات أكثر صرامة

فاطمة سلامة
كيفما اتجهنا نجد من يشكو ارتفاع الأسعار التي باتت "فالتة" من عقالها. لم يعد خفيا على أحد أن القدرة الشرائية للمواطنين انخفضت بشكل كبير، فالمبلغ المرصود لملء سلة المواطن الغذائية أصبح بالكاد يملأ النصف منها أو أكثر بقليل. حتى أن تلك السلة باتت تقتصر في الكثير من الأحيان على الضروريات، وسط  نيران الغلاء غير المبرر والتي عملت على قضم قدرة المواطن على الشراء. كثر من أصحاب المحلات التجارية يبررون رفعهم للأسعار بارتفاع سعر صرف الدولار. تلك الحجة الجاهزة دوماً على الرف. إلا أنّ التدقيق في هذا الملف يبيّن أنّ هناك مضاربات غير قانونية يقوم بها أصحاب النفوس المهتمة بجني الارباح بشتى الوسائل ولو كانت غير مشروعة. هذا الأمر حدا بوزارة الاقتصاد والتجارة الى ارسال مفتشين من مديرية حماية المستهلك للقيام بدور رقابي وتسطير محاضر ضبط بحق المخالفين الذين يعمدون الى رفع الاسعار بنسب غير مبررة. وفي هذا السياق، جاء بيان وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش أمس الاثنين والذي حذّر فيه من ارتفاع الاسعار، ولوّح بعقوبة تصل حد اقفال المحلات التجارية.

المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس تتحدث لموقع "العهد" الإخباري عن بيان وزير الاقتصاد الأخير، فتوضح ان الوزارة تتجه الى اصدار اجراءات اكثر صرامة من الموجودة حالياً وتصل حد اقفال المؤسسات التجارية في حال  تمادت المؤسسات وذهبت بعيدا في مخالفاتها. وتوضح عباس أنّ عملية تسطير المحاضر التي يقوم بها مفتشو الوزارة تؤتي اكلها لجهة أنه عندما نوجه انذارا ونعطي فرصة للقيام بتحقيقات اضافية، نلاحظ ان هناك الكثير من المؤسسات عادت والتزمت بالاصول القانونية. إلا أنّ بعض المؤسسات يبدو أنها غير مبالية بالقوانين وتعمل على سرقة المواطنين ظنا منها أن باستطاعتها تغطية محاضر الضبط من الأموال التي تجنيها عبر الغلاء الفاحش. هذه المؤسسات سنجد أنفسنا مضطرين لاقفالها اذا لم ترتدع متسلحين بالمادة 42 من المرسوم الاشتراعي 73/83.  

لا تنكر عباس ان بعض الجهات تتحمل مسؤوليتها وترفع الاسعار بشكل عقلاني وقانوني. الا ان البعض يرفعها بشكل فادح مستغلا الظرف الضاغط وأزمة العجز في الميزان التجاري التي يعاني منها لبنان وأزمة الدولار لرفع الاسعار بنسب غير عقلانية أقرب الى الجنون تصل حد الـ60 والـ70 بالمئة في الوقت الذي  ارتفع فيه سعر الصرف بين الـ30 والـ35 بالمئة، وهذا غير منطقي لان كلفة السلعة يدخل فيها العديد من الكلف المحلية.

من جهته، مدير حماية المستهلك طارق يونس يكرر  لموقع "العهد" الإخباري ما قالته عباس لجهة أن القانون يعطينا حق اللجوء الى القضاء لفرض عقوبات على كل من يرتكب جرم المضاربة غير المشروعة أو من يحاول ان يتلاعب بالاسعار ويحقق ارباحا غير مشروعة مما يخلق بلبلة في الاسواق. فتحت حجة رفع سعر صرف الدولار، يلجأون الى رفع الاسعار بشكل غير مبرر، وهذا غير مقبول. وفي هذا الصدد، يشدد يونس على أن القانون اللبناني أعطى وزارة الاقتصاد الصلاحية في مطالبة القضاء باقفال مؤسسات تجارية اذا ثبت لديها أنّ مؤسسة ما تعمل على تحقيق أرباح غير مشروعة وتصر على تكرار هذه المخالفات، حينها يحق للوزارة اعداد ملف وارساله الى القضاء للمطالبة باقفال هذه المؤسسة غير المبالية بالقوانين. ويلفت يونس الى أن عقوبة رفع الاسعار بشكل غير مبرر والمضاربات يقررها القضاء وقد تتراوح بين 5 ملايين و70 مليون ليرة.

محاضر ضبط بالمئات سطّرها مفتشو الوزارة منذ بدء الأزمة
ويشرح يونس آلية عمل المفتشين في مديرية حماية المستهلك. هؤلاء موجودون على الأرض قبل الأزمة لمراقبة الكثير من الملفات. الا أنه وبعد أزمة 17 تشرين الأول/ أكتوبر يتكثّف عملهم في مجال مراقبة الاسعار نظراً للارتفاع غير المبرر الذي ضرب العديد من السلع. ويوضح يونس أن  محاضر ضبط بالمئات سطّرها مفتشو الوزارة منذ بدء الأزمة.  هؤلاء يراقبون بدقة ما اذا كان ارتفاع الأسعار مبررا أم لا وفق معايير أعدتها المديرية سابقاً. وللأسف فإن النسبة في الكثير من الأحيان لم تكن مبررة، فعلى الرغم من الصاق التهمة دائماً بارتفاع سعر صرف الدولار ما يقارب الـ30 الى 35 بالمئة، لكن هذا الأمر لا يبرر رفع الاسعار حتى بالنسبة ذاتها (35 بالمئة) لأن هذه الشركة الموردة لديها كلَف عديدة لا تتعلّق بالدولار، من بينها كلفة اليد العاملة، المحروقات، النقل وهذه كلها لم تتأثر بسعر صرف الدولار.

ويوضح يونس أنّ المفتشين يعملون على اجراء مقارنة بين فاتورة المحلات التجارية لجهة سعر الاستيراد والمبيع قبل  17 تشرين الأول/ أكتوبر وبعد هذا التاريخ، أي بعد بدء أزمة الدولار. فاذا كانت "السوبرماركت" او الشركات الموردة لا تزال تحافظ على نسبة الربح كما هي ضمن الهوامش المقبولة أي من 10 الى 15 بالمئة، عندها لا يصار الى تسطير محضر ضبط بحقها، أما اذا اكتشفنا أن هناك ارتفاعا غير مبرر وغير منطقي وتحقيق ارباح غير مشروعة نلجأ الى محاضر الضبط ونعد ملفا لنرسله الى النيابات العامة والمدعين العامين في الأقضية. وهنا يوضح يونس أن المفتشين يلجأون الى الشركات الموردة لاكتشاف سر غلاء المحال التجارية ومدى مشروعيته.

ويشير يونس الى أنّ المفتشين وحال عثورهم على أي مؤسسة لا تراعي الشروط المشروعة للربح، يعمدون الى تسطير محضر ضبط بحقها واعداد ملف لتحويله الى القضاء. ويطالب المتحدث لجنة الادارة والعدل بضرورة ان يصار الى تعديل بعض نصوص القانون الموجود بحيث يصبح بامكان الوزارة فرض غرامة مباشرة على المخالفين ما يعطي قوة اكثر للردع والابتعاد عن المضاربات. يعود يونس ويكرر، نحن نمارس صلاحياتنا على أكمل وجه عبر تسطير مئات المحاضر رغم قلة عديد المفتشين، اذ لدينا فقط مئة مفتش على كامل الأراضي اللبنانية، وفقط ثمانية في محافظة الجنوب.

هل لمستم أن خطوة الوزارة شكّلت رادعاً للمحلات والمؤسسات التجارية؟ يجيب يونس بالاشارة الى أنها تساهم الى حد ما أقله لجهة عدم شعور التجار بأن السوق مفتوح للمضاربات بدون حسيب ولا رقيب.
 
في الختام، يوجّه يونس وصايا للمواطنين، أولها الابلاغ الفوري عن المخالفات عبر الاتصال بالرقم 1739 أو تقديم الشكوى عبر صفحات الوزارة الالكترونية، وثانيها القيام بدور ايجابي عبر مقاطعة  المحلات التجارية والذهاب باتجاه المحلات التي لا تزال ملتزمة  الى حد ما بالاسعار.

مديرية حماية المستهلكغلاء الأسعارالاحتكار

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة