يوميات عدوان نيسان 1996

خاص العهد

العالم "المتمدّن" يتعاطف مع تركيا
07/02/2023

العالم "المتمدّن" يتعاطف مع تركيا

دمشق-محمد عيد

لم تغيّر فاجعة الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا من سلوك "العالم المتمدّن" تجاه هذا البلد المنكوب. وكانت المقارنة بين تعاطف العالم معه ومع تركيا التي ضربها الزلزال عينه باعثة على الألم بالنسبة للسوريين الذين لم يسمعوا من مجتمع دولي يصر على خنقهم بالعقوبات أية كلمة عزاء واحدة وبقيت عقوبات "قيصر" جاثمة على أنفاسهم دون إبداء أية رغبة من قبل الغرب لتغليب الحالة الإنسانية على الكيد السياسي. 

مساع حكومية لاحتواء الكارثة 

ومع الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا فجر الاثنين وحوّلها إلى بلد منكوب اكتمل سواد المشهد في هذا البلد المنهك بالحرب والحصار والعقوبات الغربية الجائرة. الدمار لحق بمناطق واسعة وخاصة في محافظات حلب واللاذقية وطرطوس وحماة إضافة إلى مناطق الشمال الخارجة عن سلطة الدولة السورية حيث ارتقى مئات الضحايا وسجّلت وزارة الصحة السورية عددًا كبيرًا من الإصابات كما دمّرت عشرات الأبنية بشكل كامل وتصدّع عدد كبير غيرها.
 
مشاهد الأبنية التي انهارت في لحظات والركام الجاثم فوق عائلات بأكملها ومنظر الأب السوري الذي عانق طفله ليحميه من سقوط جدران البيت عليه قبل أن يدفنا سوية تحت أنقاضه (العناق الأخير) وغيرها من الصور التي تحبس الأنفاس وتحرك القلوب الصلدة لم تشفع للسوريين عند من أمعنوا في حصارهم وتجويعهم. 

وإزاء هذا الظرف الصعب استدعى الرئيس السوري بشار الأسد وزراءه لعقد اجتماع طارئ ترأس من خلاله مجلس الوزراء حيث تم تقييم الوضع وتحديد أكثر المناطق تضررًا وتم وضع خطة تحرك طارئة على المستوى الوطني تقودها من دمشق غرفة عمليات مركزية تعمل على مدار الساعة، فيما قامت كل الوزارات والمؤسسات العامة والمديريات والمؤسسات الروحية المسلمة والمسيحية بتحركات ميدانية على الأرض تجاوزت من خلالها آلية صنع القرار التقليدي بما يشبه حالة الارتقاء إلى مستوى الحدث، فتحركت آليات وزارة الدفاع صوب المحافظات المنكوبة لإزالة الركام والبحث عن أحياء تحت الأنقاض وإسعاف المصابين حيث استنفرت وزارة الصحة طواقمها وأنشأت مشافيَ ميدانية وتنقلت سيارات الإسعاف بين المحافظات وفتحت المشافي العامة والخاصة أبوابها للمصابين كما فتحت وزارة الأوقاف مساجدها وصالاتها للعائلات النازحة والمشردة وتحركت الجمعيات الخيرية لاستقبال آلاف المتطوعين والتبرعات النقدية والعينية، فيما انطلق الآلاف للتبرع بدمائهم واستنفر المواطنون سياراتهم الخاصة لخدمة أهالي الضحايا رغم شح الوقود وارتفاع أسعاره ليكشف السوريون عن نزعة أصيلة فيهم. 

واشنطن تعزي الأتراك وتتجاهل معاناة السوريين

وفي الوقت الذي توقع فيه الكثيرون قيام الغرب وعلى خلفية المأساة الكبيرة التي أصابت سوريا وشعبها نتيجة الزلزال المدمر بالفصل ما بين كيد السياسة والقيم الإنسانية فإن ذلك بقي أضغاث أحلام، اذ لم يأت الرئيس الأميركي جو بايدن على ذكر الزلزال الذي ضرب سوريا لا من قريب ولا من بعيد في الوقت الذي راح يتباكى فيه على تركيا التي أصابها الزلزال نفسه عندما أعرب عن "حزنه الكبير" لما أصاب تركيا واعدًا بتقديم المساعدة. 

وقال بايدن في تغريدة له على "تويتر" "طلبت من أجهزتي أن تواصل متابعة الوضع عن كثب بالتنسيق مع تركيا وتقديم كل المساعدة الضرورية أيًا كانت"، في حين بدا مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض حريصًا على أن يخص تركيا دون سوريا بالمساعدات رغم ذكره للزلزال الذي ضرب البلدين حين قال أن بلاده "قلقة للغاية من الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا"، مبديًا استعداد بلاده "لتقديم  كل المساعدة المطلوبة لتركيا". 

وقد بات جليًا التأثير الكبير لعقوبات "قيصر" على عملية إنقاذ وإغاثة ضحايا الزلزال سواء على مستوى تقييد الجهود المحلية بالعقوبات أو على مستوى منع الخارج من تقديم العون لسوريا بالتلويح بمعاقبة كل من يفعل ذلك. 

الحلفاء على عهدهم 

ويرى عضو مجلس الشعب السوري مهند الحاج علي أنه "وعلى الرغم من كل ذلك لم تعدم سوريا وجود حلفاء أوفياء لم يترددوا في الوقوف معها في هذه المحنة".
 
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار الحاج علي إلى إعلان المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف استعداد بلاده لمساعدة سوريا والتجاوب السريع مع أي طلب سوري بهذا الخصوص حيث أشار إلى أن المعدات والتقنيات الروسية اللازمة لتحديد حالة المباني وأشكال المساعدات الأخرى يمكن تقديمها لدمشق إذا طلبت ذلك".

ولفت عضو مجلس الشعب السوري في حديثه لموقعنا إلى قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإجراء اتصال هاتفي مع الرئيس بشار الأسد قدم من خلاله التعازي للرئيس الأسد والشعب السوري مبديًا استعداده لتقديم كافة أشكال العون.

وأضاف الحاج علي أنّ "انصراف الغرب عن اتباع سلوك إنساني في مقاربة مصاب الشعب السوري بالزلزال لم ينسحب على دول أخرى"، مشيرًا إلى إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن استعدادها لإرسال كل أنواع المساعدات إلى سورية وقد باشرت بالفعل منظمات إنسانية إيرانية في  مدينة حلب في عمليات إزالة الأنقاض وانتشال جثامين الضحايا في حين أن المساعدات الإيرانية الأخرى ستصل إلى مطار دمشق الدولي خلال الساعات القليلة القادمة. 

وأكّد عضو مجلس الشعب السوري أنّ مساعدات إنسانية من روسيا والإمارات العربية المتحدة ستبدأ بالوصول إلى دمشق خلال ساعات أيضًا منوهًا كذلك بقيام "لبنان الرسمي" بواجب العزاء تجاه سوريا وعرضه للمساعدة كخطوة لها "بعد وجداني ورمزي".

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد تلقى برقيات تعزية من الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وولي العهد البحريني عبرا فيها عن عميق العزاء والمواساة للشعب السوري. 

كما أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في برقية تعزية إلى الرئيس بشار الأسد استعداد العراق لتقديم العون والمساعدة في أي مجال تطلبه حكومة سوريا الشقيقة،  في حين حاول الكيان الصهيوني كعادته الاصطياد بالماء العكر عبر زعمه تلقي طلبًا سوريًا بالمساعدة قبل أن يخرج مصدر سوري ليكذب كل هذه المزاعم جملة وتفصيلا.


 

الزلازلالهزات الأرضية

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة