خاص العهد
مذكرة توقيف دولية بحق سلامة.. من يجرؤ على التنفيذ؟
حسن شريم
أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة المالية والنقدية في لبنان وما كشفته من حقائق حول متورطين بالفساد وعلى رأسهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحاشيته والأخير لا يزال حرًّا طليقًا.
القضاء اللبناني تقاعس عن وضع حدّ لمنظومة المصارف التي احتجزت أموال المودعين وجنى أعمارهم ولسياسات سلامة النقدية، لا بل وصل الأمر بهذا القضاء حدّ إنهاء خدمات النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون لتجرُّئها على فتح ملفات الفساد ليبقى سلامة بلا محاسبة. إلا أنّ الرياح جرت عكس ما اشتهت سفن المستفيدين من إبقاء سلامة خارج أي مساءلة، فقال القضاء الدولي كلمته: لمحاسبة سلامة بتهم تبييض أموال وفساد، فكانت مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرتها القاضية الفرنسية أود بوريزي -المكلفة التحقيق في أموال وممتلكات سلامة في أوروبا- بعد تغيّبه عن جلسة استجوابه أمامها في باريس.
المحامي بالاستئناف والتمييز وديع عقل، يعتبر في حديث لموقع العهد الإخباري أنّ "قرار التوقيف الذي صدر اليوم هو نوع جديد من الملاحقات القانونية في لبنان، مؤكدًا على أنه بمثابة حلم تحقّق للبنانيين بعدما تمنوا لسنوات طوال، أن يروا أحد رؤوس الفساد الكبيرة قيد الملاحقة أو التوقيف وخلف القضبان، معتبراً، أنّ هذا "انتصار على الفساد وتحقيق للعدالة".
ويلفت المحامي عقل إلى أنّه "بعد جهود كبيرة بُذلت في هذا الملف، لا سيما من القاضيين غادة عون وجان طنّوس استكملت الإجراءات وبالتعاون مع سبع دول أوروبية وفي مقدّمتها فرنسا، فتوّجت الجهود اليوم بحدث كبير هو إصدار مذكرة التوقيف الدولية".
ويوضح أنّه على الصعيد القضائي لا بدّ أن تُرسَل هذه المذكرة اليوم وبشكل عاجل عبر الإنتربول من خلال القنوات الدبلوماسية إلى بيروت -من المفترض أنها وصلت- ثمّ تصل إلى النيابة العامة التنفيذية وهنا تُلقى المسؤولية على عاتق القضاء اللبناني لتوقيف سلامة". ويضيف "أنا أعتقد أنّ القضاء اللبناني سيتعاون ولن يتنصل المعنيين من تطبيق القرار الدولي".
رياض سلامة: قرار القاضية الفرنسية يخالف القوانين وسأطعن به
وتعليقًا على كلام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول قرار قاضية التحقيق الفرنسية، من أنه "يشكل بامتياز خرقًا لأبسط القوانين، كون القاضية لم تراعِ المهل القانونية المنصوص عليها في القانون الفرنسي، رغم تبلّغها وتيقّنها من ذلك"، ومن أنه سيعمد "إلى الطعن بهذا القرار الذي يشكل مخالفة واضحة للقوانين" يقول عقل "إنّ كلامه لا قيمة له، وهو يعتبر اليوم فارًّا من وجه العدالة الدولية، وكل بياناته لا تصرف إلا عند الإعلام المرتشي من قبله".
والأخطر برأي عقل هو المسؤولية السياسية في بيروت، بحيث أنّه بمجرد إصدار مذكرة التوقيف يجب فورًا اتخاذ القرار بوقف سلامة عن العمل وأي بطء في تنفيذ هذا القرار ستصبح السلطة السياسية في لبنان متمثلة بمجلس الوزراء والمعنيين في مجلس النواب بحكم الشركاء في تغطية جرائم رياض سلامة.
ويتابع عقل: "سلامة اليوم ليس فقط حاكم المصرف المركزي، بل هو رئيس هيئة التحقيق الخاصة المعنية بمكافحة تبييض الأموال، وهو اليوم ملاحق دوليًّا بتهمة تبييض الأموال، وهذه سابقة تاريخية لم تحصل في أي بلد في العالم".
هل القرار سينفذ؟
وعمَّا إذا كان القرار فعلًا سينفذ، يقول عقل إنّه "أمام الرأي العام القضائي الدولي يوجد سقوط رهيب للوضع في لبنان وتأخر كبير، وهذا جعل من يديرون الأمور في لبنان يشكلون خطرًا كبيرًا على شعبه، خاصة وأنّنا اليوم نحتاج لإصلاحات ونحتاج دعمًا. والدولة اللبنانية تواصل طلب المساعدات من الخارج، فأبسط الشروط تنفيذ القرارات الدولية، إلا أن البلد بأكمله يصبح خارجًا عن العدالة بهذه الطريقة، وهنا تتحمل المسؤولية الحكومة اللبنانية".
توقيف رياض سلامة
ولدى سؤاله عن توقيف رياض سلامة، أجاب عقل لموقع "العهد" الإخباري: "كان لدي الجرأة لأقاتل مدّة عشر سنوات، ورغم كل اليأس والمصالح الخاصة، تمكنّا من تحقيق خرق جدار مخيف في لبنان، وأنا لست متشائمًا، وإنما متفائل بطبعي دائمًا، وقد نجحنا عندما كان الجميع يخاف أو يتهرب، وهذا النجاح أهديه لكل (الأوادم) في البلد. المهم أن نبني مستقبلًا أفضل لأجيالنا، وهذا المستقبل يمرّ حتمًا بهذه المحاسبة، وهو ما يحصل اليوم".
التنصل من التوقيف
ولدى سؤاله عن التنصل من توقيف رياض سلامة، يقول عقل: "هناك أكثر من سيناريو سيّء ولا نريد أن نستبق الأمور. قد يكون منها العقوبات وقرارات قضائية أخرى، قد يقرّر القضاء أن يقوم بتحقيق ويكتشف معرقلين لهذا الأمر، ويصدر قرارات بحق هؤلاء المشتركين في الجرائم، وهنا نصبح في مستوى ثانٍ، أتمنى أن لا نصل إليه، وأعتقد أنّ لبنان ليس في وضع مريح اليوم، لأن الأنظار كلها مفتوحة علينا".
المصرف المركزيرياض سلامةمصرف لبنانغادة عونالقضاءأموال المودعين