نصر من الله

لبنان

المقاومة تنتصر في جنين.. وتشكيل لجنة لدرس النزاعات بين الحدود العقارية
05/07/2023

المقاومة تنتصر في جنين.. وتشكيل لجنة لدرس النزاعات بين الحدود العقارية

تصدَّر انتصار المقاومة الفلسطينية في جنين عناوين الصحف اللبنانية، وذلك بعد عدوانٍ صهيوني دام يومين، فشل فيه جيش الاحتلال من تحقيق أهدافه بتصفية المقاومة، حتى أنَّه عجز عن الدخول إلى وسط المخيم، وبقي على الأطراف يعاني من عبوات ورصاص المقاومين، رغم دعم الطيران الحربي والمروحي والمسيّر، ليعود العدو أدراجه خائبًا، منسحبًا تحت وابل كثيف من النيران لتُسجَّل على جبين الاحتلال هزيمة جديدة بوجه أصحاب الأرض، وتؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة في الضفة، فنابلس ستحذو حذو جنين، ومثلها الخليل، وما كان الاحتلال يخشاه من انتشار رقعة المقاومة، بات واقعًا بعد هزيمته في جنين.

محليًا، لا تزال حادثة القرنة السوداء التي أدت الى سقوط الضحيتين هيثم ومالك طوق، تنتظر انتهاء التحقيقات لمعرفة الحقيقة الكاملة، في حين أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قرارًا يقضي بتشكيل لجنة لدرس مسألة النزاعات بين الحدود العقارية والنزاعات على المياه في أكثر من منطقة عقارية.

"الأخبار"| "إسرائيل" نحو إنهاء عدوانها: هزيمة صافية

انجلى اليوم الثاني من العدوان الإسرائيلي المستمرّ على مدينة جنين ومخيمها في شمال الضفة الغربية المحتلّة منذ فجر يوم الإثنين، عن تأكيد مقتل جندي إسرائيلي في ميخم جنين، وإصابة آخرين، مقابل ارتفاع عدد الشهداء إلى 12، أي بزيادة 3 شهداء عن اليوم السابق. وبدا واضحاً حرص العدو على أن تكون عمليته العسكرية «نظيفة» بالمعنى العسكري، أي من دون سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. والواقع أن هذا الحرص انطلق مساره منذ ما بعد معركة «سيف القدس» عام 2021، وجرى تطبيقه في معركتي «وحدة الساحات» و«ثأر الأحرار» في قطاع غزة. وتعتمد استراتيجية «الحرب النظيفة» على الاستهداف الدقيق عبر الأسلحة الذكية، والاستناد إلى المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، مع تجنّب الاحتكاك العسكري المباشر على مستوى الجنود، وتنفيذ ضربات قوية ودقيقة في عمق «العدو»، وشلّ حركته، بعيداً عن الإضرار بالمدنيين. ويعمد العدو إلى ما سبق، مدفوعاً بعدة عوامل، أبرزها دروس استخلصها من معركة «سيف القدس»، أهمّها تفادي استثارة الشارع العربي والرأي العام الإقليمي والدولي، كما حصل في «سيف القدس»، والحؤول دون التعرّض لضغوط كبيرة.

وخلال اليومين الماضيين، تجنّب جيش الاحتلال عمليات القتل الواسعة والشاملة، حتى في مواجهة المقاومين، في حال كان ممكناً اعتقالهم. كما عمد إلى تهجير بعض المدنيين من المخيم، عبر تحذيرهم من خطورة بقائهم في منازلهم، في أسلوب يشبه الاتصالات التي يجريها «الشاباك» بالمواطنين في غزة، قبل قصف منازلهم. كذلك، استخدم في الساعات الأولى من العملية أسلوباً مشابهاً لما اعتمده في القطاع أخيراً، حيث سعى إلى توجيه ضربة أولى قاسية وسريعة، بما يقلّل من فاعلية الرد العسكري المقابل، ومن ثم الشروع في استهداف بنك الأهداف، ولهذا سقط العدد الأكبر من الشهداء في الغارات الجوية الأولى، وليس خلال الاشتباكات. مع ذلك، يبدو أن العدو فشل في تنفيذ عملية خاطفة، بالتخطيط الذي أراده، لأن المقاومين تمكّنوا من كشف نواياه، وعمدوا إلى إخلاء بعض النقاط، واحتموا في مواقع جديدة وسرّية. وحتى مساء أمس، يمكن القول إن قادة المقاومين، والمحرّكين الأساسيين، كانوا لا يزالون بعيدين عن قبضة العدو، وعن نيرانه.

في المقابل، لا يزال الاحتلال يعمل على أطراف المخيم، ولم يتوغّل إلى وسطه، حيث يُعتقد أن المقاومين يتحصّنون فيه، بحسب زعم العدو. وتسير العملية ببطء شديد، فيما يبدو واضحاً أن قوّات الاحتلال تواجه عوائق مختلفة، منها الكمائن المتنقّلة والسريعة، والتي تعتمد مبدأ الإغارة، ثم الانسحاب سريعاً، بما يؤخّر تقدّم العدو، ويوقع الإصابات، ويقلّل من خسائر المقاومين إلى الحدّ الأدنى. وفي حين كان الحديث خلال نهار أمس عن إمكانية إنهاء العملية في الليل بأقل خسائر ممكنة، تغيّرت الصورة في ساعات المساء الأولى، عندما بدأت الأخبار تتحدّث عن اشتباكات عنيفة يخوضها المقاومون في مخيم جنين، «هي الأعنف على الإطلاق»، بحسب وصف إعلام العدو، الذي أكّد أن «قواته تعرّضت لتفجير عبوات هائلة»، تبيّن لاحقاً مقتل جندي فيها، وإصابة آخرين. لكن على أي حال، ما لم تطرأ تطورات ميدانية كبرى، فإن العملية ستنتهي خلال 48 إلى 72 ساعة، بعد انطلاقها، بحسب المؤشرات الميدانية والسياسية. وفي هذا السياق، قالت القناة الإسرائيلية الرسمية إن «حكومة نتنياهو أبلغت الولايات المتحدة، في رسالة، أن عملية جنين محدودة لمدة 48 ساعة». وفي الاتجاه نفسه، قال مسؤول أمني كبير: «نقترب من نهاية العملية قريباً، وسنواصل دخول جنين ومخيمها بقدر ما نريد حتى في المستقبل القريب».

ويبدو أن العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين، تنقسم إلى 3 مراحل: الأولى، جرت في الساعات الأولى، وهي نُفّذت بواسطة الاستهداف من الجو، اعتماداً على معلومات استخباراتية دقيقة. والمرحلة الثانية، عنوانها دخول قوات العدو إلى أطراف المخيم، والاشتباك مع المقاومين، واعتقال بعضهم واستجوابهم، وكشف مخازن الذخيرة ومصانع العبوات والصواريخ وغير ذلك. وفي هذه المرحلة بالذات، تبدّت الصعوبات أمام الاحتلال، الذي لم ينجح في جرّ المقاومين إلى اشتباكات وكمائن أعدّها لهم لتصفيتهم، كما لم يتمكّن من التوغّل في عمق المخيم، بسبب فعل المقاومين الذين يعيقون تقدّمه. أما المرحلة الثالثة، فهي تعتمد على الاستفادة من المعلومات الاستخباراتية التي نتجت من دخول العدو إلى المخيم، واستجواب أكثر من 100 شاب فيه، وجمع معطيات على مختلف المستويات، وتسييلها لاحقاً في عمليات الاغتيال والاعتقال، والتدمير وتحديد مواقع المخازن والمصانع.

لكن على خطٍّ مواز، جاءت عملية تل أبيب الفدائية المزدوجة (دهس وطعن)، والتي نفّذها الشهيد عبد الوهاب الخلايلة، وأسفرت عن وقوع 7 جرحى إسرائيليين، بينهم 3 إصابات حرجة، لتلفت الانتباه إلى احتمالات مختلفة، قد يجد العدو نفسه أمامها في حال طال أمد عمليته في جنين. وفي هذا السياق، كانت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قد أعلنت تلقّيها عدة إنذارات حول وقوع عمليات وشيكة في المدن الإسرائيلية. وبالفعل، أتت عملية تل أبيب لتثبّت «مخاوف» أجهزة العدو، خصوصاً أن حركة «حماس» أعلنت تبنّيها الهجوم، ما يعني أن قراراً لدى المقاومة اتُّخذ بتنفيذ عمليات من هذا النوع، بالتزامن مع أحداث جنين.

"البناء": تداعيات جريمة بشري مستمرة

نجحت الاتصالات السياسية والإجراءات الأمنية والقضائية التي اتخذتها المراجع الرسمية باحتواء تداعيات جريمة بشري، بموازاة تراجع الملف الرئاسي إلى أدنى سلم الأولويات، طفت على سطح المشهد الداخلي جملة من الملفات القضائية على رأسها قضية تقرير شركة «الفاريز ومارسال» حول «التدقيق الجنائي» «الضائع» بين وزارة المال والحكومة ولجنة المال والموازنة في ظل تبادل اتهامات بين المؤسسات المعنية مع ارتفاع أصوات كتل سياسية تدعو الى الإفراج عن مضمون التقرير.

وكشف المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم أن التقرير حول التدقيق الجنائي لم يصل الى النيابة العامة المالية بعد، لافتاً الى أن هناك تسلسلاً قضائياً والمخاطبة مع مصرف لبنان تمرّ عبر النيابة العامة التمييزية. وأشار في حديث إذاعي إلى أن التقرير وصل الى وزارة المال كما هو متداول، وإذا وجدت أن هناك جرماً جزائياً يجب أن تُحال نسخة الى النيابة العامة التمييزية التي تحيلها بدورها الى النيابة العامة المالية وإذا لم يجد وزير المال أن ثمة جرماً جزائياً فلا داعي للإحالة، مؤكداً أن لا نص يلزم وزير المال بمهلة محددة لإحالة الملف. ولفت الى أن هناك أطراً وأساليب قانونية يمكن اللجوء اليها للوصول الى التقرير.

بدورها، أشارت وزارة المالية في بيان، الى أن «ما تسلمته من شركة «ألفاريز أند مارشال» ليس سوى مسودّة أولية للتقرير الذي تعده للتدقيق في حسابات مصرف لبنان، وهو ليس التقرير المتكامل والنهائي، ثم أن دور وزارة المالية في هذا الشأن هو دور وسيط ما بين المصرف والشركة وذلك وفقاً لبنود العقد، من اجل توفير المعطيات التي يحتاجها التقرير».

وأوضح البيان «أن الوزارة ستعمد فور تسلّمها التقرير النهائي الى رفعه لمجلس الوزراء صاحب الصلاحية في التصرّف بمضمونه، ويهم وزارة المالية التأكيد أن وزير المالية يوسف الخليل قد أعدّ كتب إجابة يوجهها الى السادة النواب الذين طالبوه بتسليمهم التقرير أو نشره يشرح فيها الأصول التي تحكم التعاطي في هذا الشان». واعتبرت الوزارة أن «ما يتمّ تداوله بشأن شخصيات أو معلومات تُنسب الى التقرير هي معطياتٌ غير صحيحة ولا تدخل إلا في مجال التشويش».

وإذ ناقشت لجنة الإدارة والعدل مسألة عدم نشر وزارة المال تقرير الفاريز ومارسال، أشارت أوساط مطلعة على الملف لـ»البناء» الى أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤولين آخرين يعرقلون سير التقرير وفق التسلسل القانوني، متسائلة عن سبب تأخر وزارة المال بإحالة التقرير الى الحكومة لمناقشته وحتى لو كان مسودة قرار كما تقول الوزارة. ولفت خبراء قانونيون وماليون لـ»البناء» الى أن التقرير ليس كاملاً وشاملاً ولا يتضمن كل المراحل التي مر بها البلد ولا الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الطبقة السياسية المالية لا سيما في ما خصّ اليوربوند والفوائد وتغطية الليرة وتمويل الوزارات والصناديق لا سيما وزارة الطاقة والتي يجب التدقيق في حساباتها أيضاً لتكملة التدقيق في مصرف لبنان لكون هناك علاقة بين الطرفين»، وتساءلوا: هل يعقل أن يكون التقرير يتألف من 300 صفحة فقط؟ ولفت الخبراء الى أن المسؤولية تقع على وزارة المال التي تأخرت بتسليم التقرير الى الحكومة رغم تسلم الوزارة للتقرير منذ أكثر من أسبوعين».

وليس بعيداً عن القضاء، أعلن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي، «موافقة القضاء الفرنسي على الطلبات المقدمة من قبل المحاميين الفرنسيين ايمانويل داوود وجان كلود بوفية المكلفين من قبل الدولة اللبنانية بإلقاء الحجز على الأموال والممتلكات العائدة لحاكم مصرف لينان رياض سلامة ورفاقه رجا سلامة وماريان حويك وآنا كوزاكوفا لصالح الدولة اللبنانية».

وبقيت تداعيات جريمة بشري في واجهة المشهد، وعلمت «البناء» أن الأجهزة الأمنية والقضائية لا سيما مخابرات الجيش تقوم بواجباتها بوتيرة سريعة للكشف عن ملابسات الجريمة وباتت لديها صورة شبه واقعية عن ما حصل بعد التحقيق مع عشرات الموقوفين من الضنية وبشري، مشيرة الى أن الفرضية المرجحة للجريمة تداعيات قديمة للخلاف على الحدود العقارية للقرنة السوداء وهي منطقة سياحية.

ونفى مجلس القضاء الأعلى، «وجود أي تلكؤٍ أو تخاذلٍ يُنسب إلى القضاء والقضاة، الذين قاموا ويقومون بواجباتهم، بالرّغم من التطاول وكل الضغوط والتهديدات التي يتعرّضون لها، مع التأكيد أنّ القضاء يبقى السلطة الوحيدة التي يُركن اليها لتحقيق العدالة والوصول الى الحقيقة».

على صعيد الخطوات الرسمية، أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قرارًا يقضي بتشكيل لجنة لدرس مسألة النزاعات بين الحدود العقارية والنزاعات على المياه في أكثر من منطقة عقارية برئاسة وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي. ولفت القرار إلى أنّ مهمة اللجنة هي درس المواضيع التالية تحديد الحدود العقارية في مناطق: بشري/الضنية، القبيات/الهرمل، فنيدق/عكار العتيقة، أفقا/لاسا، واليمونة/العاقورة.

سيف القدسالقرنة السوداء

إقرأ المزيد في: لبنان