موقع طوفان الأقصى

الخليج والعالم

الصحف الإيرانية: الحرية الليبرالية الفخّ الذي وقع فيه الغرب
25/09/2023

الصحف الإيرانية: الحرية الليبرالية الفخّ الذي وقع فيه الغرب

في أسبوع الدفاع المقدس والذكرى السنوية الأولى لأحداث الشغب التي طالت إيران العام الماضي، وسط بروز محاولات جديدة لإعادة بث الحياة في الفتنة عبر نشر بعض الأخبار والتضليلات في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، يشتدّ النقاش الداخلي في إيران حول بعض القيم المركزية التي كانت محلًا للأخذ والرد، في المرحلة السابقة. ومن هنا شدّدت الصحف الإيرانية على الحديث عن القيم، مثل: الأسرة أو قضايا المرأة أو الحرية وما إلى ذلك.

في هذا الصدد، أجاب رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الاجتماعية والعلوم الإنسانية في قطر الدكتور نايف بن نهار، في مقال في صحيفة "إيران" اليوم الاثنين، على سؤال: "لماذا تتدهور الأخلاق في الغرب بهذه السرعة؟"، فقال: "مع بداية العصر الحديث، وجد الفكر الغربي نفسه في مأزق مع وجود الدين، ولذلك فهو لم يكن مستعدًا حتى لقبول حال الفصل بين الدين والحياة العامة، بل أراد إخراج الدين تمامًا من دائرة المرجعيات حتى يجد العقل موقعه المتفوق بلا منازع على المسرح، لكن بعد انتصار العقل انخرط الغرب في سؤال كبير: ماذا تعني سلطة العقل؟ ولما كان العقل مرجعًا فرديًا وليس مرجعيًا اجتماعيًا، فيمكن لكل إنسان أن يقول "إن عقلي له سلطة". لكن على المستوى الاجتماعي تتعارض الأسباب مع بعضها البعض، وفي هذه الحال، اضطر الغرب إلى قبول فكرة "الأغلبية"، ومعنى هذه الفكرة أنّ كل ما تقبله الأغلبية سيكون هو العامل الحاسم. وهذا ما دفع الغرب نحو "الديمقراطية"، وهكذا نهضت الديمقراطية من مكانها بعد سبات دام أكثر من ألفي عام، لكن المشكلة أنه إذا قبلت الأغلبية بما يضرّ الأقلية فما الواجب؟ لقد أدرك الغرب أن الديمقراطية وحدها لا تكفي، ورأى الغرب بأم عينيه آثارها في الحرب العالمية الثانية وصعود الأيديولوجيات الشمولية التي سحقت الأقليات بشكل غير مسبوق، وأصبحت هذه التجربة الحقيقية سببًا مقنعًا لفهم أنّ الديمقراطية وحدها لا تكفي".

وتابع بن نهار أنّ: "الفخ الذي وقع فيه الغرب هو الليبرالية، وهي عقيدة تنبع من مبدأ "الحرية الفردية" وأهمية حمايتها ضد تعديات أغلبية المجتمع، وإذا كانت الليبرالية تسعى إلى حماية الأقلية من طغيان الأغلبية، فإنّ هذا هو بالضبط ما يحتاجه الغرب لسدّ الفجوة في فكرته عن الديمقراطية، إذا كانت الديمقراطية تعطي الأغلبية حق "السلطة"، فإن الليبرالية تمنح الأقلية حق "الاختلاف"، وبناء على ذلك، أقنعت الليبرالية العقل الغربي بأنها المنقذ الوحيد من براثن الديمقراطية الجامحة، ونتيجة لذلك، اعتقد الغرب أنّه حصل على الحل النهائي للإنسانية، لأنّ الليبرالية تعتمد على الحرية مفهومًا مرجعيًا، في حين لا يمكن أن تكون الحرية مرجعًا يمكن الاعتماد عليه، الحرية في جوهرها لا تتضمن أية معايير أخلاقية، ولا يمكن لأي سلطة أن توجد من دون معايير أخلاقية. وإذا عرّفنا الحرية بأنّها "عدم انتهاك خصوصية الآخرين"، فإنّ السؤال هو: من يحدّد هذه الخصوصية؟ نحن أم غيرنا؟ فمثلًا من ينتقد الإسلام ويرسم صورًا مسيئة، يتخيل نفسه أنه حصل على حريته، بينما يراه المسلمون متعديًا على حدود حريته، ما هو معيار هذه الخصوصية؟ إذا عرّفنا الحرية بأنها القيام بما تسمح به القوانين، فالسؤال هو من الذي يضع حدود تلك القوانين؟ فإذا قلت إنّ الحرية المقبولة هي حرية مع الانضباط، فالسؤال من الذي يحدد انضباطها؟ وإذا قلت إنّ الحرية المقبولة هي حرية مفيدة، فالسؤال من الذي يحدد مدى فائدتها؟".

وأردف: "إذهب إلى أي مدرسة في تعريف الحرية، في النهاية سترى أنه لا يوجد تعريف للحرية يحلّ صراعًا أو يحلّ نزاعًا، إلا إذا كان مرتبطًا بسلطة تضعه تحت حكم أخلاقي أو أيديولوجي. والفخ الذي وقع فيه الغرب هو أنه لم يضع الحرية في إطار القيم الأخلاقية. ولهذا السبب؛ فإنّ الغرب غير قادر على وقف عملية الانحطاط الأخلاقي المتسارعة، والحال أنّه عندما يظهر بعض الناس سلوكًا أخلاقيًا سيئًا والأغلبية تحذّرهم من أن هذا غير لائق أو غير أخلاقي، فإن جواب هؤلاء الناس هو: "نحن أحرار؛ ولنا الحق أن نفعل ما نريد".

وتابع أنّ ظاهرة الانحطاط الأخلاقي في الغرب هي نتيجة مقدّمات لا يمكن تجاهلها، لأنّ السقوط الأخلاقي للغرب ليس حدثًا مفاجئًا، بل هو نتاج سلسلة من المقدمات التمهيديات التي أوصلت الغرب تدريجيًا إلى هذه النتيجة، وهذه المقدمات الأربع الأساسية هي:

1- قطع العلاقة مع الدين وخاصة بعد انتصار الثورة الفرنسية، حيث أزيحت القيم الدينية عن ساحتها المرجعية.

2- العقلانية: بعد أن قطع الإنسان الغربي علاقته بالدين، كان من المنطقي أن يتوصل إلى فكرة العقلانية بديلًا عن المرجعية المتعالية، إذ تقوم العقلانية على فرضية أنّ العقل هو المصدر الوحيد للمعرفة والقيمة، ومرجعه في الإنسان، فكلّ إنسان له عقله الخاص الذي يمنحه القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، ولا يحتاج إلى توجيه من عامل خارجي، وهذا بدوره أدى إلى رفض فكرة إدانة أخطاء الآخرين، فبأي حق تدين الإنسان إذا كان عقله يرى أنّ هذا الشيء صواب؟

3- الفردانية: بعد هاتين المقدمتين؛ من الطبيعي أن يصل الإنسان الغربي إلى الفردانية، وتعني على الأقل التركيز على المصالح الشخصية.

4- المصالحة مع النفس: ومعنى ذلك أن يتصالح الإنسان مع نفسه بغض النظر عن أخطائه وعيوبه، فلا يلزمه إصلاح عيوبه وأخطائه، بل عليه أن يتقبل نفسه كما هي، ولهذا السبب تُطرح شعارات مثل "كن كما أنت"".

وجوابًا على سؤال: هل سيقع المسلمون في الفخ نفسه؟ قال: "بالأساس، لا ينبغي للمسلمين أن يقعوا في هذا الفخ، لأن الإسلام لا يرى الحرية مرجعًا، بل قيمة في إطار مرجعية، ولذلك فإن الإسلام يعترف بالحريّة، بل ويفرضها، ولهذا السبب يرفض الإكراه في الدين، ولكنه في الوقت نفسه يرى الحرية وسيلة لتحقيق العدالة في المجتمع الإنساني وليست هدفًا لهذا المجتمع".

جذور أوهام نتنياهو حول إيران

من جانب آخر، قال الخبير في الشؤون الخارجية السيد رضا الحسيني تعليقًا على خطاب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الأخير، في الأمم المتحدة، في صحيفة "جام جم": "شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام العرض المتكرر لبنيامين نتنياهو ضد جمهورية إيران الإسلامية، ومثل خطاباته السابقة، خصّص جزءًا كبيرًا من الادعاءات المتعلقة ببلدنا، على الرغم من أنّ مكتب رئيس وزراء النظام الصهيوني كان في وقت لاحق قد اضطر لسحب أجزاء من هذا الخطاب. ومن خلال عرض الخرائط، أكد نتنياهو مرة أخرى الخطة الشريرة للكيان الصهيوني والغرب لإنشاء "شرق أوسط جديد" ومحاولة تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والمملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى هي جزء من هذه المؤامرة".

وتابع الحسيني: "في ما يتعلق بخطاب نتنياهو الأخير، تجدر الإشارة إلى عدة نقاط، هذه هي المرة الألف التي يضع فيها النظام الصهيوني خططًا ضد جمهورية إيران الإسلامية في الأمم المتحدة، ويتحدث عن خططه للمنطقة. وذلك على الرغم من أن النظام الصهيوني لا يلتزم بأي من القواعد الدولية وميثاق نزع السلاح الذي انضمت إليه العديد من الدول منذ عقود، والبروتوكولات المتعلقة بالقوانين النووية مثل معاهدة حظر الانتشار النووي، ومع عشرات الترسانات ومئات الأسلحة النووية، فإنّه ينتهك القوانين، في مثل هذا الوضع، وأمام الرأي العام وكاميرات العديد من وسائل الإعلام الدولية وبالطبع أمام المقاعد الفارغة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بدأ يرسم خططًا مشؤومة ليس فقط لإيران ولكن أيضًا لغرب آسيا، لكن ما قاله نتنياهو أمام كاميرات العالم ضد الشعب الإيراني مفاجئ للغاية، بالطبع، تراجع عن جزء من خطابه وقام مكتبه بتغييرات في خطابه، لكن رغم هذا التراجع والإصلاحات التي قام بها مكتب رئيس وزراء الكيان الصهيوني، يمكن محاكمة خطاب نتنياهو وفقًا للقانون الدولي، لأن النظام الصهيوني ادّعى أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية يجب أن تواجه تهديدات نووية عسكرية جديّة وفعّالة!".

ورأى أن الإدلاء بمثل هذه التصريحات من رئيس وزراء النظام الصهيوني المزيّفن في الجمعية العامة للأمم المتحدة، يظهر مدى بلطجة وخروج القانون عن هذا النظام الذي يحظى للأسف بدعم أميركا وبعض القوى الغربية، مشيرًا إلى أنّ "النقطة التالية هي أنّ إطلاق هذه الادعاءات يظهر الخوف الذي يواجهه ليس فقط المسؤولون الأمنيون والعسكريون في النظام الصهيوني، بل رئيس وزراء هذا النظام أيضًا، لأنه يعلم أنّ هناك احتمالاً لانهيار حكومته في الأشهر المقبلة، وعليه بعد ذلك أن ينتظر انهيار "إسرائيل" في المستقبل القريب. ولكن بغض النظر عن الجذور التي تسبّبت في مثل هذه الادعاءات من رئيس وزراء النظام الصهيوني والإجراءات التي يجب أن تتخذها الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد هذه الادعاءات، فإنّ ما هو واضح هو أنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة والدول الأعضاء، أدركوا أكثر من ذي قبل جوهر هذا النظامن وأدركوا أنّ هذا النظام لا يفهم إلا لغة القوة، وأنه لوقف جرائم "إسرائيل" لا بد من اللجوء إلى القوة".

الجمهورية الاسلامية في إيرانالصحف

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة