طوفان الأقصى

آراء وتحليلات

بين الضفة الغربية وغزة.. "إسرائيل" في مستنقع الهزيمة الحتمية
29/11/2023

بين الضفة الغربية وغزة.. "إسرائيل" في مستنقع الهزيمة الحتمية

شارل ابي نادر

في الوقت الذي تسير فيه - وبصعوبة بالغة- التهدئة المعقدة في غزة، والتي تتمدد بشكل متقطع ولفترات قصيرة غير متجانسة، مع تنفيذ عملية تبادل الاسرى بين "اسرائيل" وبين المقاومة الفلسطينية، تخوض الأخيرة في الضفة الغربية وبمشاركة أكثر من طرف وفصيل وطني فلسطيني، مواجهة شرسة بكل المعايير ضد الصهاينة.

صحيح أن المواجهات في الضفة الغربية بين الفلسطينيين وبين الإحتلال لم تتوقف، وكانت دائمًا تأخذ حيزًا واسعًا ومرتفعًا من التصعيد والحدة والشراسة من قبل الطرفين، وذلك كان يحصل بمعزل عن المواجهة الدائمة بين المقاومة الفلسطينية في غزة وبين العدو، ولكن، لا شك أنه يمكن القول اليوم بوجود ارتباط كامل ووثيق بين المواجهة الحالية في الضفة الغربية وبين الحرب على غزة. فما هي عناصر هذا الارتباط؟ ولماذا تعتبر "إسرائيل" أن تأثيرات المواجهة في الضفة الغربية وتداعياتها عليها، لن تكون أقل من خسارتها الحرب في غزة؟ وهل يمكن القول إن تعثر الكيان في الضفة الغربية سيكون له التأثير الأكبر على تأكيد خسارتها الحرب في غزة؟

ما هي عناصر الارتباط بين الحرب على غزة وبين الحرب على الضفة الغربية؟

لناحية العلاقة بين المواجهة في الضفة الغربية مع الحرب في غزة وعليها، هناك أكثر من عنصر يربط هذين المواجهتين أو الحربين. تشهد الضفة الغربية حربًا اسرائيلية واضحة وواسعة وعدوانًا صهيونيًا شرسًا، غير بعيد عن العدوان على غزة، مع استخدام الاحتلال أكثر أسلحته فتكًا ضد الفلسطينيين العزّل من أبناء مخيمات ومدن وبلدات الضفة، مثل المسيّرات والقاذفات والألغام والتفخيخات التدميرية الواسعة الاستعمال.

عنصر الارتباط الأول هو الاحتلال نفسه، وأجندته ومشاريعه التوسّعية والتدميرية لكل بنية الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية نفسها، واستهداف المقدسات وتجاوز قدسيتها، والتنكيل بالأسرى وبالمسجونين الفسطينيين في سجون الاحتلال، وتوسيع الاستيطان لناحية الجغرافية والتضييق على الفلسطينيين والتحكّم بحياتهم، والهيمنة على السلطات المحلية والسيطرة على قراراتها، وانتزاع كل مقدّرات الصمود من الشعب الفلسطيني، من سلطة حقيقية أو من أسلحة دفاع مشروع عن النفس أو من ما تبقى من أراض بعيدة عن احتلال المستوطنين.

عنصر الارتباط الثاني يتمثّل بالمقاومة الفلسطينية، هي نفسها في غزة وفي الضفة الغربية، بفصائلها الواضحة وبتطلعاتها الوطنية وبأهدافها للتحرير وانهاء الاحتلال. وبمعزل عن وجود "ما يشبه" الهيكلية السياسية للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وغيابها عن غزة، فرضت المقاومة الفلسطينية نفسها وخاصة في السنوات الاخيرة، وبفضل صمودها وثباتها وعملها الدؤوب، مقررًا أساسيًا في مواجهة الاحتلال، حيث لم تظهر هذه السلطة في أي موقف وطني حساس، إلا فقط، بموقف المعرقل لاستراتيجية المقاومة الهادفة للتحرير ولانهاء الاحتلال.

لماذا تعتبر "إسرائيل" أن تأثيرات المواجهة في الضفة الغربية وتداعياتها عليها، لن تكون أقل من خسارتها الحرب في غزة؟

ما يجري اليوم في الضفة الغربية من مواجهات عنيفة بين الاحتلال وبين الشعب الفلسطيني، والمستوى العسكري الذي تخوضه "اسرائيل" في هذه المواجهة، لا يختلف بشراسته كثيرًا عن الحرب على غزة، مثل شن غارات جوية بالقاذفات والمسيّرات واستخدام أسلحة المدفعية والهندسة بكل قدراتها. يأتي ذلك بسبب الخوف الاسرائيلي من تمدد المواجهة وتوسّعها بشكل يصعب عليها ضبطه لاحقًا. وهي اليوم تتدخل بوحداتها استباقيًا وبعدوانية مفرطة على كامل مدن ومخيمات الضفة، من شمالها في جنين وطولكرم ونابلس الى وسطها في بيت لحم وامتدادا الى جنوبها في الخليل، محاولة ما يلي:

- منع أي تمدد المواجهات وتطورها خوفًا من أن تصبح انتفاضة واسعة في الضفة الغربية ستكون قاتلة لها لو حصلت.

- إبعاد أية امكانية لحصول عملية أو أكثر مثل عملية طوفان الأقصى التي نفذتها "حماس" في غلاف غزة. وهذا الأمر غير مستبعد بتاتًا، حيث لأغلب فصائل المقاومة تواجد فاعل في كل مناطق الضفة الغربية ومدنها ومخيماتها، مع قدرة وامكانية على القيام بذلك، لناحية المقاومين الأشداء أو لناحية امكانية تواجد الأسلحة المناسبة لذلك، علمًا أن التأثير العسكري والأمني لأي عملية مماثلة لطوفان الاقصى على مناطق الاحتلال المحاذية للضفة الغربية وفي كافة الاتجاهات، سيكون قاتلًا وصادمًا بدرجة، لن تستطيع "اسرائيل" تحملها.

مع تمدد المواجهات في الضفة الغربية ومع سقوط شهداء واضرار جسيمة في مدنها وبلداتها، سيكون صعبًا على السلطة الفلسطينية احتواء التداعيات، وستكون فاقدة للقرار والنفوذ الرسمي أمام خسائر أبناء الضفة، الأمر الذي سوف ينزع حكمًا من هذه السلطة الحيثية الرسمية، والتي كانت دائمًا تشكل الغطاء الوحيد للاحتلال.

لماذا يمكن القول إن تعثر الكيان في الضفة الغربية سيكون له التأثير الأكبر على تأكيد خسارتها الحرب في غزة؟

طبعًا، سيكون لتعثر الكيان في الضفة الغربية التأثير الأكبر في تأكيد خسارته الحرب على غزة. فمع عمليته الواسعة اليوم في الضفة، المترافقة مع ضغوط ضخمة عليه في حربه على غزة، هو مجبر على وضع جهود كافية ومناسبة لادارة هذه العمليات في الضفة، والتي تتوسع يوما بعد يوم، وبالتالي سوف يضعف موقفه وتتأثر سلبًا جهوده وقدراته أيضًا لناحية الجبهة الشمالية،  والتي ستكون نقطة الضغط الأقصى عليه، فيما لو توسعت عليها الأعمال القتالية، والأمر غير مستبعد بتاتًا لو قرر العدو متابعة حربه على غزة.

تعثرت أهداف العدو بشكل واضح في غزة بعد فشله في تحقيق أي من أهداف عمليته البرية، الأمر الذي تأكد بما لا يقبل الشك بعد خضوعه لشروط المقاومة الفلسطينية في مسار عملية تبادل الاأسرى ودخول المساعدات الانسانية الى القطاع. تزامنًا مع هذا الفشل، يتدحرج مسار المواجهة في الضفة الغربية وينخرط أكثر وأكثر جغرافيا وعملياتيًا مع ما يجري في غزة. هذه المؤشرات، إضافة الى تداعيات التدخل اليمني على جنوب فلسطين المحتلة صاروخيًا أو بالمسيّرات، وتداعيات هذا التدخل اليمني على تجارة الكيان واقتصاده وسفنه انطلاقا من باب المندب ومياه البحر الاحمر وشمال المحيط الهندي، وهاجس الجبهة الشمالية الذي يحاصر مسؤوليه السياسيين والعسكريين ومستوطني كامل بلدات ومدن ومستوطنات الجليل، بدأت تتكون وبشكل واضح هزيمة الاحتلال في هذه المواجهة.

فلسطين المحتلةغزةالضفة الغربيةفصائل المقاومة الفلسطينيةالكيان المؤقت

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة
الوفاء للمقاومة حيّت التحركات الطالبية في جامعات العالم: نجدد التزامنا دعم ونُصرة فلسطين وقضّيتها
الوفاء للمقاومة حيّت التحركات الطالبية في جامعات العالم: نجدد التزامنا دعم ونُصرة فلسطين وقضّيتها
الحراك الطلابي في فرنسا يتوسّع دعمًا لفلسطين
الحراك الطلابي في فرنسا يتوسّع دعمًا لفلسطين
حسابات "طوفان الأقصى" في ذكرى أيار 2000
حسابات "طوفان الأقصى" في ذكرى أيار 2000
بعد سبعة أشهر: واشنطن تستعجل الهدنة
بعد سبعة أشهر: واشنطن تستعجل الهدنة
اللحظة التاريخية الأنسب لإسقاط أهداف الحرب على الوعي
اللحظة التاريخية الأنسب لإسقاط أهداف الحرب على الوعي
الشرطة الأميركية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا بالقوّة
الشرطة الأميركية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا بالقوّة
شوارع ألمانيا تغصّ بالمسيرات الداعمة لفلسطين 
شوارع ألمانيا تغصّ بالمسيرات الداعمة لفلسطين 
احتجاجًا على قمع اعتصام طلابي.. الآلاف يتظاهرون في نيويورك
احتجاجًا على قمع اعتصام طلابي.. الآلاف يتظاهرون في نيويورك
الديمقراطيون يضغطون على بايدن: لثني نتنياهو عن شنّ هجوم على رفح
الديمقراطيون يضغطون على بايدن: لثني نتنياهو عن شنّ هجوم على رفح
شهيد فلسطيني في اعتداءات الاحتلال في الخليل 
شهيد فلسطيني في اعتداءات الاحتلال في الخليل 
خلال 200 يوم.. 487 شهيدًا فلسطينيًا بالضفة ونحو 5 آلاف مصاب
خلال 200 يوم.. 487 شهيدًا فلسطينيًا بالضفة ونحو 5 آلاف مصاب
وسط المواجهات.. الاحتلال يقتحم مخيم بلاطة وعددًا من مدن الضفة الغربية
وسط المواجهات.. الاحتلال يقتحم مخيم بلاطة وعددًا من مدن الضفة الغربية
بالفيديو.. لحظة انفجار عبوة ناسفة بمستوطن حاول إزالة علم فلسطين شمال شرق رام الله
بالفيديو.. لحظة انفجار عبوة ناسفة بمستوطن حاول إزالة علم فلسطين شمال شرق رام الله
الاشتباكات بين المقاومة والاحتلال في طولكرم تتواصل
الاشتباكات بين المقاومة والاحتلال في طولكرم تتواصل
الفصائل الفلسطينية تحذر من تصعيد شامل وانفجار يطال المنطقة
الفصائل الفلسطينية تحذر من تصعيد شامل وانفجار يطال المنطقة
الفصائل الفلسطينية تزور السفارة الإيرانية في دمشق مهنئةً بالرد
الفصائل الفلسطينية تزور السفارة الإيرانية في دمشق مهنئةً بالرد
فصائل المقاومة الفلسطينية باركت الردّ الإيراني: دفاع عن النفس وحق أصيل لطهران
فصائل المقاومة الفلسطينية باركت الردّ الإيراني: دفاع عن النفس وحق أصيل لطهران
الفصائل الفلسطينية أحيت يوم القدس العالمي
الفصائل الفلسطينية أحيت يوم القدس العالمي
استعدادات في صيدا لإحياء يوم القدس العالمي
استعدادات في صيدا لإحياء يوم القدس العالمي
الكيان مستعد لبحث تعديلات حدودية مع لبنان تجنبًا للحرب
الكيان مستعد لبحث تعديلات حدودية مع لبنان تجنبًا للحرب
الحرب ووهم السلام (2)
الحرب ووهم السلام (2)
استطلاع رأي يظهر غالبية تدعم استقالة نتنياهو وآخرين
استطلاع رأي يظهر غالبية تدعم استقالة نتنياهو وآخرين
"إسرائيل هيوم": مسؤولون صهاينة تواصلوا مع أعضاء بالكونغرس للضغط على المحكمة الدولية
"إسرائيل هيوم": مسؤولون صهاينة تواصلوا مع أعضاء بالكونغرس للضغط على المحكمة الدولية
حزب الله يتحكّم بأغلب قواعد الكيان شمالًا.. أيّ أبعاد؟
حزب الله يتحكّم بأغلب قواعد الكيان شمالًا.. أيّ أبعاد؟