الخليج والعالم
تونس: مبادرة جديدة لحوار وطني.. وخلط للأوراق
تونس – روعة قاسم
بعد مرور قرابة شهرين على أزمة التحوير الوزاري بكل ما حملته من تداعيات على المشهد السياسي في البلاد وذلك بعد رفض رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيد قبول الوزراء الجدد في حكومة هشام المشيشي لأداء اليمين الدستورية بسبب شبهة الفساد، وبعد أن تعددت المبادرات لإقامة حوار وطني يخرج البلاد من محنتها، تقّدم رئيس الجمهورية بمبادرة جديدة قوامها استشارة الشباب بحسب خطة قدمها له وزير المالية السابق نزار يعيش. وهي مبادرة أثارت جدلًا متصاعدًا وردود فعل عديدة في الساحة التونسية.
وبحسب بيان نشرته رئاسة الجمهورية فإن "الأمر يتعلّق بمخطط اقتصادي واجتماعي ينبع من إرادة الشعب، وعلى ضرورة أن تتوفر الإرادة الصادقة لاتخاذ قرارات جريئة للخروج سريعا من هذه الأزمة والانطلاق نحو أفق أرحب ومستقبل أفضل يجني ثماره الجميع على قدم المساواة".
اشراك الشباب
يشار الى أن وزير المالية السابق الذي قدم التصور لهذه المبادرة أطلع رئيس الجمهورية أيضًا على وضعية الاقتصاد والمالية العمومية والميزانية وتهديداتها المباشرة على الأمن القومي، وتقدّم بمقترحات عملية وتصوّر متكامل لحلول وإصلاحات من شأنها المساعدة على الخروج بالبلاد من الأزمة الراهنة.
ففي الوقت الذي كان اتحاد العام التونسي للشغل ينتظر فيه موافقة الرئيس على مبادرته بشأن الحوار الوطني، يأتي الرئيس التونسي بمبادرة جديدة مغايرة تمامًا عما قدمه الاتحاد وهي تقوم على التواصل المباشر مع الشباب دون المرور الى الطبقة السياسية ورؤساء الأحزاب.
وكان الاتحاد قد تقدم بمبادرة في مطلع ديسمبر/ كانون الأوّل الماضي، تقوم على حوار "تشاركي شامل يرسي أسس عدالة اجتماعية، ويعدل بين الجهات ويساوي بين التونسيين ويحد من الفقر والجور والحيف الاجتماعي".
ويرى محللون أن قناعة رئيس الجمهورية ورفضه لعباءة الأحزاب باعتباره قادما من عالم التدريس الأكاديمي والجامعي وليس من بيئة الأحزاب، كل ذلك مهّد الطريق لهذه المبادرة "الشبابية" بغضّ النظر عن إمكانية نجاحها من عدمه، خاصة أن البلاد بحاجة الى حلول عاجلة اقتصادية واجتماعية، في حين أن أي حوار شبابي سيأخذ وقتًا لتحديد من هي الفئة المعنية بالحوار والأسماء المشاركة وغيره.
عبء جديد
ويرى المحلل السياسي هشام الحاجي في حديث مع "العهد" أن الحوار الوطني في تونس بقدر ما هو تقريبا مطمح الجميع بقدر ما يتحول يوما بعد يوم إلى مطلب صعب المنال والتحقق نتيجة غياب إرادة سياسية حقيقية في الحوار الوطني، موضحًا أن هناك اشتراطات مسبقة من أهم الفاعلين تحول دون انعقاد الحوار الوطني لأن حركة النهضة ترفض أن يقع الخوض في الشأن السياسي في حين أن رئيس الجمهورية يريد ان يؤدي الحوار الوطني إلى إزاحة رئيس الحكومة هشام المشيشي من موقعه. وهي -بحسب الحاجي- حلقة مفرغة تغذيها حالة انعدام الثقة المتزايدة بين الفرقاء السياسيين وتحول دون انعقاد الحوار من ناحية ودون أن يفرز في صورة انعقاده نتائج ملموسة.
ويبدو أن الكرة اليوم هي في ملعب رئيس الجمهورية، وبيده تحريك قواعد اللعبة وتهدئة هذه العاصفة الأصعب التي تمرّ على تونس خلال العشرية الأخيرة. ولعل الأهم هو الانفتاح على كل المبادرات الأخرى للحوار الوطني الشامل مع مشاركة الشباب بالصيغة الملائمة للأوضاع الصعبة والأزمة الاجتماعية المستفحلة. هذه الأزمة التي ازدادت سوءًا مع تفشي وباء كورونا مما أدى الى تراجع حاد للاقتصاد وتفجّر موجة من الاحتجاجات المختلفة بمطالب متباينة في ولايات الجمهورية.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
27/11/2024