خاص العهد
الرواتب شبه ثابتة والحد الأدنى للأجور يشتري صفيحتي بنزين
يسري الارتفاع الجنوني في أسعار المحروقات كالنار في الهشيم. سعر صفيحة البنزين ارتفع نحو 24 بالمئة مقارنة بأسعار الأسبوع الماضي. سعر قارورة الغاز ارتفع بشكل جنوني ووصل إلى نحو 230 ألفًا، ما يعني المزيد من الارتفاعات ستلحق بالسلع والمواد الاستهلاكية. تحذيرات بالجملة تُطلق من انفجار اجتماعي خطير. وكل ذلك يجري بموازاة غياب أي خطّة إنقاذية تتدارك الانزلاق نحو الأسوأ في بلد بات يعيش في صلب الانهيار.
شمس الدين: الرواتب تآكلت بنسبة 92 بالمئة
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين يشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على أنّ الحد الأدنى للأجور لا يزال ثابتًا بالليرة اللبنانية حيث تآكلت الرواتب بنسبة 92 بالمئة. الأجر الذي كانت قيمته مئة بالمئة في عام 2019، باتت قيمته 8 بالمئة اليوم، فيما تراجعت القدرة الشرائية لدى كل من يتقاضى راتبًا وتعويضا بالليرة.
ويرى شمس الدين أنّ ارتفاع الأسعار بموازاة عدم وجود حل بديل يفاقم الأزمة، فارتفاع سعر المازوت بموازاة وجود كهرباء من الدولة لا يولد مشكلة، ولكن عندما لا يكون هناك كهرباء سترتفع فاتورة المولّد. تمامًا كما هو الحال بالنسبة لصفيحة البنزين، فعندما ترتفع بموازاة وجود نقل عام لا تولد مشكلة ولكن في ظل غياب هذا الخيار يدفع المواطن -للأسف- كل أمواله على مصاريف النقل.
بو مصلح: لبنان يعيش حالة انهيار كاملة
الخبير الاقتصادي الدكتور غالب بو مصلح يرى في حديث لموقعنا أنّ لبنان يعيش حالة انهيار كاملة. هذا الانهيار له جوانب عديدة وجزء أساسي منه البطالة التي باتت نسبتها مرتفعة، والفقر المدقع الذي يضرب نحو 60 بالمئة من الشعب اللبناني. وبموازاة هذا الواقع لم يعد للراتب أي قيمة إطلاقًا فالحد الأدنى للأجور لا يمثل شيئًا، ونتيجة هذا الأمر هناك انهيار اقتصادي شامل. وهنا يوضح بو مصلح أنّ الإنتاج متوقّف وأحد الأسباب الأساسية يكمن في إقفال السوق المالي الذي هو قرار لا يُطرح علاج له حتى الآن خصوصًا أنّ المصارف تحجب الأموال ما يعمل على تقزيم النشاط الاقتصادي بنسبة كبيرة جدًا.
ويلفت بو مصلح الى أنّ الناتج المحلي انخفض حوالي 90 بالمئة حيث تشير بعض التقديرات الى أنه تقلص الى 10 بالمئة عما كان عليه. أما إعادة توزيع الناتج فتحصل لمصلحة الأثرياء ضد مصلحة الطبقات الشعبية والفقيرة. الطبقة المتوسطة انعدمت وكل من ليس لديه دعم خارجي لا يتمكّن من تأمين وسائل العيش، حتى أنّ الكثير من العائلات خفضت وجبات طعامها، وثمة تقارير تقول إن أكثر من ثلث الأطفال ينامون جائعين.
الحد الأدنى للأجور يشتري صفيحتي بنزين فقط
يؤكّد بو مصلح المؤكّد بأنّ الوضع في لبنان كارثي جدًا والدولة لا مداخيل لديها نتيجة هذا الانهيار، فيما تحاول أن تحافظ على الرواتب رغم أنّ الحد الأدنى للأجور يشتري صفيحتي بنزين فقط. كل البضائع المستوردة تقاس بالدولار، وحتى بعض المواد الأولية التي تدخل بالإنتاج اللبناني مستوردة، فيما جرى للأسف إهمال القطاع الزراعي على مدى 40 عامًا رغم أنه كان من المفترض أن يشكل الرافعة لمنع هذا الانهيار الشامل.
ويعرب بو مصلح عن خشيته من أن يؤدي الوضع الحالي الى فلتان أمني بحيث يعمل كل شخص على حل مشكلته على حساب الآخر بلا أي رؤية. كما يعرب عن قلقه من أن تزداد حوادث السرقة نتيجة هذا الإفقار وعدم وجود قوة معارضة قادرة على التغيير ما قد يعرّض أوضاع البلد الى انفلات أمني شامل.
ولدى سؤاله عن احتمال أن تؤدي الأوضاع في لبنان الى انفجار اجتماعي، يقول بو مصلح: "الانفجار كي يكون مجديًا يجب أن يكون لديه قيادة وحتى الآن لا برنامج إنقاذيا متكاملا للبنان. أكثر من 80 بالمئة من الناس ناقمة جدًا على هذا الوضع ومستعدة أن تناضل لأجل ذلك". وفق بو مصلح، الأحزاب فشلت في علاج هذا الأمر، والبطاقة التمويلية تعاني من عدم وجود تمويل لها، وفي الأساس جرى العمل عليها من أجل تخدير الناس، وحتى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لا تحل المشكلة رغم أنها قد تخفف الانهيار قليلا.
وفي الختام، يلفت بو مصلح الى أنّ هناك قرارا سياسيا أميركيا لإفقار البلد وعصره وتحميل المقاومة مسؤولية هذا الأمر. وفق بو مصلح، المسؤول الأساسي عن هذا الوضع هو البنية اللبنانية والسياسة الأميركية التي ضمّت لبنان الى حصار سوريا لضرب المقاومة.