معركة أولي البأس

خاص العهد

ضريبة الدخل في موازنة عام 2022: ما لها وما عليها
03/12/2022

ضريبة الدخل في موازنة عام 2022: ما لها وما عليها

فاطمة سلامة

حملت موازنة العام 2022 تعديلًا في الشطور الضريبية تمحورت في خانتين؛ أولى تفرض على أرباح المهن التجارية وغير التجارية ضريبة تتراوح بين 4 % على الأرباح السنوية دون الـ27 مليون ليرة وصولًا حتى 25 بالمئة على الأرباح السنوية التي تفوق الـ675 مليون ليرة، وثانية تفرض على الرواتب والأجور وتتراوح بين 2 بالمئة على من راتبه لا يتجاوز الـ18 مليونًا سنويًا وصولًا حتى 25 بالمئة لمن راتبه يفوق الـ675 مليونًا سنويًا، وما بينهما خمسة شطور. وقد أعقب المادتين 28 و33 من قانون الموازنة قرار لوزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل يلزم فيه القطاع الخاص بتسجيل الرواتب التي تُدفع بالدولار واقتطاع الضريبة المتوجّبة عليها حسب الشطور الضريبية المحدّدة. القرار لم يلق استحسانًا لدى البعض الذي رأى فيه مزيدًا من تآكل الرواتب تتآكل بموجبها القدرة الشرائية، فيما رأى البعض الآخر فيه قرارًا أكثر عدالة وإنصافًا للمكلفين بعد أن جرى توسعة الشطور لتعفي نوعًا ما ذوي الدخل المحدود من الضرائب غير العادلة. 

فضل الله: إعادة تحديد الشطور هو أمر لمصلحة المكلّف

رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق الدكتور عبد الحليم فضل الله يرى أنّ تشريع توسعة الشطور يأتي في محله. الشطور السابقة لم تكن عادلة، فمن كان راتبه السنوي لا يتجاوز التسعة ملايين في السابق كان يدفع 2 بالمئة أما اليوم فمن راتبه لا يتجاوز الـ18 مليونًا سنويًا يدفع ضريبة 2 بالمئة. وعليه، جرى رفع السقف -يقول فضل الله- وجرى إعطاء هامش لذوي الدخل المحدود بمعنى جرى إعفاء شريحة معينة من الضريبة.

ويشدّد فضل الله على أنّ الضريبة التصاعدية سابقًا كانت متدنية جدًا، أما في النموذج الحالي، فالجميع خاضع لأعلى الشطور، وقتها، من كان راتبه يفوق الـ225 مليون ليرة سنويًا أي 18 مليون ليرة شهريًا كان يدفع ضريبة 25 بالمئة. هذا المبلغ باتت قوّته الشرائية متدنية (يساوي 400 دولار) وتعريضه لأعلى نسبة ضريبة هو أمر غير عادل، لذلك كان لا بد من إعادة تحديد الشطور ليدفع اليوم ضريبة 15 بالمئة. 

ويشدّد فضل الله على أنّ إعادة تحديد الشطور هو أمر لمصلحة المكلّف لا ضده لأنها تأخذ بعين الاعتبار القوة الشرائية للمداخيل. سابقًا كانت قيمة المليون ونصف المليون ليرة ألف دولار وعليه فإنّ التسعة ملايين كانت تساوي 6 آلاف دولار أما اليوم فتساوي 225 دولارًا، لذلك لا يجوز أن نحمّلها ما لا طاقة لها على حمله. برأي فضل الله، هدف القرار إنصاف المكلّف لأننا اذا بقينا على الشطور القديمة كان سيضطر من راتبه السنوي 18 مليون ليرة الى دفع الضريبة وفقًا للشطر الأعلى بينما اليوم من راتبه السنوي 675 مليون ليرة أي 1400 دولار شهريًا يدفع الضريبة الأعلى أي 25 بالمئة. 

ولا يخفي فضل الله أننا ورغم معارضتنا للضرائب في هذا الظرف الصعب، إلا أن الضريبة التصاعدية على الدخل هي الأكثر عدالة وإنصافًا لذوي الدخل المحدود. وهنا يسجّل فضل الله ملاحظة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وهي ضرورة توسعة الشطور أكثر لإعطاء هامش أكبر لذوي الدخل المحدود. برأيه، صحيح تمّت زيادة الشطور ولكن بما لا يتناسب مع تراجع القدرة الشرائية.

 الأسمر: للمزيد من الدرس 

رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر يرى أنّ قرار توسعة الشطور بالصورة الحالية يحتاج الى المزيد من الدرس. من وجهة نظره، بإمكاننا وضع شطور مقبولة بالتفاهم بين وزارة المالية والاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية لإجبارها بشكل أو بآخر على الدفع. وهنا يشدّد الأسمر على ضرورة زيادة قيمة التنزل العائلي أكثر مما أقر؛ فالعائلة التي باتت تتقاضى سنويًا مثلًا نحو 45 مليون ليرة على الزوجة وأولاد ثلاثة بإمكاننا مضاعفة الرقم المذكور 4 مرات وفرض الضريبة عندئذ مقابل هذا الأمر. 

وقبل أن يبدأ الأسمر الحديث عن تداعيات الخطوة، يلفت الى أنّه سيصار الى تحويل الرواتب التي تحتوي كليًا أو جزئيًا على "الدولار الفريش" الى العملة اللبنانية وفق سعر صرف السوق الموازي أي 40 ألف ليرة ووضعها في الشطر الضريبي الملائم للراتب وفرض ضريبة وفق سعر دولار صيرفة أي نحو 30 ألف ليرة. ومن وجهة نظر الأسمر فإن الضريبة كبيرة على المكلّف لأنّ العمال يدفعونها من رواتبهم ما يؤدي الى المزيد من تآكل القدرة الشرائية خاصة أن راتب العشرين مليون ليرة شهريًا لم يعد يؤمّن حياة كريمة. 

يتحدّث الأسمر عن تداعيات القرار فيلفت الى أنّ زيادة الشطور الضريبية قد تؤدي الى نزف وتهريب الفنيين والاختصاصيين من لبنان كالذين يديرون المطار والعاملين في الشركات المشغّلة لمرفأ بيروت وموظفي المصارف والقطاع الصحي. كما تتمثّل التداعيات برأي الأسمر في التهرب الضريبي. التصريح الضريبي يفترض وجود دولة قادرة على التحقق من صحة هذا التصريح اذ قد يتعرّض العامل للضغط من صاحب العمل الذي قد يجبره على التصريح بأنه يتقاضى راتبًا أقل من الحقيقي وبالليرة اللبنانية للتهرب من ضريبة الدخل ما يشرّع التهرب الضريبي.

ينادي الأسمر المعنيين للاتفاق على شطور ضريبية عادلة والتحقق من الزامية التصريح بحيث اذا ما جرت مطالبة العاملين في القطاع الخاص بالتصريح عن المبلغ الحقيقي لاستيفاء ضريبة الدخل يستجيبون ويصرّحون عنه أيضًا للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فهذا التصريح شيء إيجابي -وفق الأسمر- لأنّ التعويض يتضاعف أضعافًا مضاعفة ولكن يقتضي هذا الأمر على أصحاب العمل دفع مبالغ التسوية. 

ويشدّد الأسمر على أننا مع الضريبة التصاعدية لأنها الأكثر عدالة، ولكن لتحقيق عدالتها يتطلّب الأمر حوارًا وإعادة دراسة للشطور بما يتلاءم مع الواقع، مع الإجابة عن السؤال التالي: هل لدينا القدرة على المراقبة خاصة أنّ كثرًا لا يذهبون الى وظائفهم في ظل الوضع الصعب الذي نعيشه ووسط عديد مراقبي وزارة المالية القليل جدًا؟.

الموازنةالضرائب

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل