تحقيقات ومقابلات
وفد ليبي في بيروت.. القاضي الشامي يكشف لموقع "العهد" تفاصيل الزيارة
قضية الإمام موسى الصدر تعود إلى الواجهة
تعود قضية اختفاء الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين إلى الواجهة مجددًا، مع زيارة وفد رسمي ليبي رفيع المستوى إلى بيروت. هذه الزيارة التي تأتي بعد سنوات من الجمود، أعادت إحياء النقاش حول سبل التعاون القضائي بين البلدين؛ لكشف الحقيقة الكاملة وراء واحدة من أبرز القضايا العربية واللبنانية العالقة منذ أكثر من أربعة عقود. وتمحورت الزيارة حول بحث الملفات العالقة، وفي مقدمها قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا، وملف توقيف هانيبال القذافي الموقوف في لبنان.
الوفد الليبي الذي وصل إلى بيروت في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، ضم وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، ومستشار رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية لشؤون العلاقات الخارجية إبراهيم بوشناف، والسفير الليبي في سورية والمكلف بمتابعة الشأن اللبناني عبد المطلب التريكي، إلى جانب عدد من المستشارين في وزارتي العدل والخارجية الليبية.
ويبدو أن الحديث عن إخلاء سبيل هانيبال القذافي حرّك المياه الراكدة بين البلدين، خصوصًا أن الأخير لا يزال محتجزًا لدى مديرية قوى الأمن الداخلي لعدم تأمينه مبلغ 11 مليون دولار أميركي ككفالة مالية. وقد تقدّم وكيله القانوني بطلب لإلغاء هذه الكفالة أو تحويلها إلى رمزية ورفع منع السفر عنه، إلا أن القاضي زاهر حمادة؛ المحقق العدلي في قضية اختفاء الصدر ورفيقيه، لم يبت بعد بهذا الطلب.
واستهلّ الوفد الليبي لقاءاته صباح الاثنين بزيارة القاضي زاهر حمادة بحضور القاضي حسن الشامي؛ رئيس لجنة متابعة القضية، والقاضي جمال الحجار؛ المدعي العام التمييزي. وقد سلّم الوفد الجانب اللبناني نسخة من ملف التحقيقات الليبية التي أُنجزت خلال السنوات الماضية حول القضية.
وفي حديث لموقع العهد الإخباري، أوضح القاضي حسن الشامي، أن "الملف المرسل من ليبيا لا يتضمن نتائج نهائية وحاسمة، لكنه يمثل استكمالًا لمسار تعاون قضائي جاد بين البلدين". وأشار إلى إلى ضرورة الفصل بين المسار السياسي والمسار القضائي، قائلاً: "نحن لم نناقش المسار السياسي. هم أعطونا ما أسموه "ملف التحقيقات" وسنفحصه. ومن النظرة الأولية، وبحكم خبرتي في هذا الملف منذ العام 2012، يتبيّن أنه غير كامل وغير مهم وغير حاسم. وقد أعددنا محضرًا معهم لتأكيد قناة التواصل الرسمية بين النائب العام الليبي وبيني شخصيًا، مع وعد بتفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين ووضع آليات واضحة وسريعة لتبادل المعلومات والمستندات القضائية ذات الصلة".
وأضاف الشامي: "لطالما عبّر الجانب الليبي عن رغبات في هذا الملف، لكننا ننتظر الأفعال لا الأقوال. نحن نتمنى ونتأمل، وعلينا أن نكون متفائلين، لكن الأهم هو ترجمة الوعود إلى خطوات عملية. فمنذ عام 2011 ونحن نسمع وعودًا دون تنفيذ، وهذا أمر لم يعد مقبولًا بعد 14 عامًا على سقوط النظام الليبي دون أي تقدم جدي. موقفنا واضح: لا تطبيع بين البلدين قبل التعاون الكامل والوصول إلى نتيجة في هذه القضية".
وشدد رئيس لجنة المتابعة على أنّ المطلوب اليوم هو نتائج قضائية تُحدث تقدّمًا حقيقيًا في التحقيق، مؤكدًا أن الجانب اللبناني لا يعنيه إن كانت للوفد خلفية سياسية أو لا، بل يهمه تحقيق العدالة وكشف الحقيقة.
وفي ما يتعلق بملف هانيبال القذافي، رأى الشامي أنّ "من الطبيعي أن ينعكس الجو الإيجابي العام بين البلدين على الملفات القضائية كافة، ومنها قضية تخفيض الكفالة المالية وطلب إباحة السفر".
كما لفت إلى أن "ساحة العمل القضائي يجب أن تكون في ليبيا؛ لأن مكان الإخفاء هناك، وبالتالي ليس مطلوبًا من لبنان القيام بخطوات جديدة في هذا الصدد". وأضاف: "الجريمة حصلت في ليبيا، وأركان النظام السابق موجودون هناك، بعضهم في السجن أو قيد الإقامة الجبرية أو يعيشون في بيوتهم. على السلطات الليبية أن تبادر إلى استجوابهم بشكل جدي ومتكامل. لقد أرسلنا جداول ومقترحات تفصيلية بهذا الخصوص وطلبنا مرارًا التحقيق مع هؤلاء المسؤولين الذين لا يزال بعضهم يغادر ليبيا ويعود إليها بعد انتهاء فترات احتجازهم، وقد بلغوا من العمر عتيًّا، فقبل أن يرحلوا عن هذه الدنيا يجب أن تُستكمل التحقيقات معهم".
وختم الشامي بالتأكيد على أنّ "القضية بالنسبة إلى لبنان قضية وطنية وإنسانية بامتياز، ولا يمكن لأي مسار سياسي أو دبلوماسي أن يتقدّم قبل إحقاق العدالة وكشف مصير الإمام الصدر ورفيقيه".