اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: info@alahednews.com.lb
00961555712

المقال التالي الحاج حسن: أميركا تقود وتحرك المشروع الصهيوني في المنطقة

مقالات

هل يمكن الاستهانة بنشر خرائط الاستيطان الصهيوني في جنوب لبنان؟
مقالات

هل يمكن الاستهانة بنشر خرائط الاستيطان الصهيوني في جنوب لبنان؟

498

شكلت الخريطة التي نشرتها الحركة الاستيطانية الصهيونية "أوري تسافون"، والتي عرضت فيها أراضي وعقارات في جنوب لبنان، داعية المستثمرين الى التوجه شمالا، باعتبارها أراضي صهيونية سيتم احتلالها وطرحها للاستثمار والاستيطان، مصداقًا لتحذيرات المقاومة ودقتها في تشخيص الصراع، وصوابية رؤيتها. 

وهذا الإعلان لا يمكن الاستهانة به أو وضعه في سياق الحرب النفسية، حيث يماثل إعلانات أخرى في غزة لحركات استيطانية مشابهة، وبلحاظ الشواهد والسياسات التي يتبعها العدو في غزة من حيث المراوغة والإصرار على الهدم والتهجير، فإن الأمور تبدو مخططة وتتخذ مسارًا تنفيذيًا، وهو جرس إنذار كبير للبنان.

وهذا التحدي يتطلب المواجهة عبر خطة لاستعادة السيادة على الأراضي اللبنانية، واستراتيجية دفاعية تليق بخطورته، وعبر وجود مقاومة رادعة للعدو الذي توسع فعليًا في كامل المحيط.

وهنا يمكن تناول هذا الملف عبر العناوين الآتية:

أولًا: نماذج من تحذيرات المقاومة:

لطالما حذرت المقاومة في لبنان من أطماع العدو في ثروات لبنان وبينت أن غياب المقاومة سيجعل لبنان فريسة للتوسع والاغتصاب مثل فلسطين المحتلة.

وقد لفت سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله إلى هذا الأمر في أكثر من مناسبة، ومنها في 9 أيار 2022، حينما قال إن "معاناة أهالي الجنوب بدأت منذ احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين ومن يقول إن الاعتداءات الإسرائيلية هي رد على عمليات المقاومة نقول له إنَّه حتى الستينيات لم يكن هناك عمليات، وفي مثل هذه الأيام في العام 48 دخل العدو إلى القرى الجنوبية واستباح الأراضي وروّع الأهالي".

كما أشار سماحة الشهيد الأقدس إلى أن المرجع الديني الكبير الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين أرسل رسالته المعروفة لرئيس الجمهورية لحماية الجنوبيين حتى لا يُهجّروا ولكي لا يتحول الجنوب إلى فلسطين ثانية.

وجدد الأمين العام الشيخ نعيم قاسم التأكيد على هذه التحذيرات، عندما قال إن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، وإن لـ"إسرائيل" أطماعًا توسعية في لبنان، وعلّق الشيخ قاسم على الوساطة الأميركية، بالقول إن أميركا متآمرة بالكامل مع "إسرائيل"، وإن أميركا تريد أن تستحوذ على لبنان وتعطي "إسرائيل" ما تريد. وحذر من أن الأميركيين يريدون نزع سلاح المقاومة إما سلماً أو عسكرياً، بهدف إضعاف لبنان وجعله لقمة سائغة تحت عنوان مشروع "إسرائيل الكبرى".

ثانيًا: الشواهد والنذر في غزة:

شهدت فلسطين تحريكًا لمخططات ومشاريع إعادة الاستيطان في قطاع غزة، وقالت التقارير إنه تم انجاز نحو 6 مخططات هندسية لبناء 6 بؤر استيطانية في شمال القطاع، في حين بادر حزب "عظمة يهودية" لتقديم مشروع قانون يقضي بإلغاء خطة "فك الارتباط" لعام 2005 وإعادة بناء المستوطنات التي أخليت من "غوش قطيف" في جنوب القطاع.

وبمراقبة التحركات العسكرية للعدو "الإسرائيلي"، نجد تناغمًا بين خطط إعادة الاستيطان في القطاع مع خطة "الجنرالات" التي أعدها الجنرال السابق في الجيش "الإسرائيلي" غيورا آيلاند، وقدمها لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وشرع جيش الاحتلال بتنفيذها بارتكاب المجازر لتهجير سكان شمال القطاع قسرًا.

كما تتناغم التفاصيل العسكرية والاستيطانية، حيث تم شق طريق عسكري عند محور نتساريم بذرائع أمنية وعسكرية، وهو نفس الطريق الذي يراهن المستوطنون على استعماله كشريان استيطاني. 

ثالثًا: المطامع في جنوب لبنان:

فتح نشر حركة الاستيطان الصهيونية "أوري تسافون" لخرائط الاستيطان في الجنوب اللبناني الباب لرصد المطامع التاريخية الصهيونية في الجنوب وأسبابها التي تتنوع بين المياه وأهميتها في نظرية الأمن الصهيوني، والمطامع الاقتصادية والدعاوى الدينية التوراتية المزعومة.

وهذا الإعلان ليس الأول من نوعه، حيث انتشرت إعلانات سابقة في أيلول/ سبتمبر 2024 باسم "حركة الاستيطان في جنوب لبنان" أنشأتها مجموعة تدعى "إسرائيل سوكول" تروّج لشراء منازل وأراضٍ في الجنوب اللبناني.

ومن واقع اعلان الحركة، تمتد الخريطة التفصيلية  للأراضي اللبنانية المعروضة للبيع من مصبّ نهر الليطاني على البحر المتوسّط عند نقطة القاسمية شمالاً وصولاً إلى بلدة كفركلا، مرورًا ببلدات في البقاع الغربي وحاصبيا ومزارع شبعا، وتضم المنطقة أربع مدن رئيسة على الأقل، هي صور وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا، إلى جانب القرى التابعة لتلك الأقضية. 

وقد منحت هذه المناطق أسماء عبرية وحدّدت أسعار القطع بنحو 300 ألف شيكل أي ما يعادل نحو 80 ألف دولار للقطعة الواحدة.

وعندما يريد خصوم المقاومة التهوين من هذه التحركات أو اعتبارها تحركات غير رسمية تعكس تطرفًا لدى بعض الحركات وليس توجهًا للكيان، فإن هناك ردين على هذا الأمر أحدهما سياسي، والآخر تاريخي واستراتيجي قائم على الوقائع والوثائق.

وبخصوص الرد السياسي، فإن ممارسات الكيان التي تصر على التمسك بمزارع شبعا والتي توسعت في سورية واحتلت جبل الشيخ، والتي لا تريد ترك النقاط التي احتلتها في الجنوب رغم نص اتفاق وقف اطلاق النار عليها، مع الإصرار على نزع سلاح المقاومة والدفع نحو فتنة نزع السلاح، هي أمور تشي بنوايا توسعية صهيونية بعد خلوّ لبنان من المقاومة، وخاصة مع الربط بسياق التحركات في الضفة وسوريا والتلويح بمشروع "إسرائيل الكبرى".

وبخصوص الرد التاريخي والاستراتيجي الموثّق، فعشرات الكتب والوثائق مليئة بالاعترافات والنوايا لاحتلال الجنوب على خلفية الأمن المائي، والدعوى الدينية.

ومن هذه النماذج الكثيرة يمكن انتقاء بعضها:

- كتب هيرتسل، في العام 1903، إلى السلطان العثماني عبد الحميد، عارضًا عليه تقديم مبلغ مليون ليرة تركيّة مُقابل موافقة السلطات العثمانيّة على إقامة اليهود في منطقة الجليل، أي على مقربة من مياه لبنان الجنوبي، باعتبار أنّ نهر الليطاني يُشكِّل مركزًا مهمًا لإنجاز المُخطّطات اليهوديّة في المنطقة.

- أعربت الحركة الصهيونيّة، في المذكرة التي رفعتها إلى "مؤتمر السلام" الذي عُقد في فرساي (باريس) العام 1919، بوضوح عن رغبتها في الاستيلاء على جنوب لبنان وجبل الشيخ، حيث ورد فيها أنّ جبل الشيخ (حرمون) هو "أبو المياه" الحقيقي لفلسطين.

- حاول زعماء الحركة الصهيونيّة إقناع بعض الزعماء الروحيين في لبنان بمطالبهم في الجنوب، وفي أثناء انعقاد "مؤتمر السلام" في فرساي حاولوا إقناعهم بالتخلي عن جنوب لبنان الذي تسكنه أكثريّة إسلاميّة لقاء وعدٍ بتقديم مساعدات فنيّة وماليّة إلى الدولة اللبنانيّة الناشئة. لكن تم رفض هذا العرض.


- حديثًا صرح المتحدّث باسم الحكومة "الإسرائيلية" ديفيد مينسر، في 24 أيلول/ سبتمبر 2024، بأن "نهر الليطاني هو حدود إسرائيل الشمالية". 

كما قدم كبير حاخامي الحاسيديم إسحق غنزنبورغ، دعوة علنية من أجل "استيطان لبنان باعتباره جزءًا من الأرض الممنوحة لإسرائيل وصولًا إلى نهر الفرات". 

وتقول المصادر التاريخية إنه، وبعد إعلان "دولة لبنان الكبير"، بحدوده التي فرضها الفرنسيون من النهر الكبير شمالاً وحتى رأس الناقورة جنوباً، في أيلو/سبتمبر 1920، اعتبر الصهاينة أن هذه الحدود تمثّل "كارثةً"، وحاول رئيس الكيان حاييم وايزمان إقناع الجنرال الفرنسي هنري غورو (معلن تأسيس دولة لبنان الكبير) "بأهمّية مياه نهر الليطاني بالنسبة لفلسطين"، كما يروي وايزمان في مذكّراته. 

- يستند الصهاينة إلى "الكتاب المقدّس" للادعاء بأن "أرض إسرائيل" تشمل، بين ما تشمل، الأراضي التي انتشرت فيها قبيلة "نفتالي" اليهودية في ضفّتي نهر الليطاني، وتلك التي عاشت فيها قبيلة "أشير" اليهودية في منطقة صيدا، التي كانت تضمّ أقليةً يهوديةً في التاريخ المعاصر.

والخلاصة، أن العدو "الإسرائيلي" له مطامعه في لبنان وقائده الأميركي يريد ربط لبنان بالمشروع الجيوستراتيجي الأميركي الممتد عبر السيطرة على البحار وطرق التجارة وحقول الغاز والنفط، والعائق الوحيد أمام التوسع هو المقاومة، وهو سر هذا الإصرار على انهائها عسكريًا أو عبر الفتن السياسية، وهنا توجه الرسائل الى خصوم المقاومة، وهل يسمحون تحت دعاوى السيادة ونيل الرضا الأميركي على غرار سورية الجديدة منزوعة الجولان وربما المزيد، بأن يكونوا "أسيادًا" على لبنان منزوع الجنوب؟!

الكلمات المفتاحية
مشاركة