مقالات
صدر ليل امس قرار مجلس الامن رقم ٣٨٠٣، والذي ثبّت وشرّع دوليا البنود العشرين لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول غزة ، وذلك بموافقة اغلبية أعضائه مع امتناع كل من الصين وروسيا عن التصويت، ومن دون لجوء الدولتين الى نقض القرار رغم موقفهما المبدئي بالتحفظ على مشروع القرار عند دراسته، وخاصة الموقف الروسي الذي كان قد تقدم باقتراح مشروع قرار مختلف عن المشروع الأميركي المذكور أعلاه والذي تبناه مجلس الأمن.
اذا عدنا للبنود العشرين لخطة الرئيس ترامب، والتي أصبحت عمليا قرارا دوليًا، هناك الكثير من التساؤلات المشبوهة والغامضة حول عدة بنود منها، يمكن الإضاءة عليها كالتالي:
أولاً: من غير الواضح فعليًا، انتقال وحدات الاحتلال إلى المرحلة الثانية والانسحاب حتى الخط الأحمر القريب جغرافيا من الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، والسبب بذلك هو ربط العدو تنفيذ هذه الخطوة بنزع سلاح حماس وخاصة السلاح الاستراتيجي الذي عقّد بالكامل حرب العدو على القطاع وهو : الأنفاق، حيث تدميرها بالنسبة للاحتلال هو شرط أساسي للانتقال الى المرحلة الثانية، الأمر الذي لا يبدو ان حماس سوف توافق عليه بسهولة.
ثانيًا: كيف يمكن فهم إجراءات التدمير الشامل والمسح الكلي للمنطقة التي تحتلها وحدات العدو حاليًا شرق وشمال الخط الأصفر، والتي تتجاوز مساحتها نصف مساحة القطاع؟
ألا يُعتبر هذا المسح لجغرافية القطاع بهذه الطريقة الممنهجة، والتي تتجاوز تدمير بنية حماس العسكرية وانفاقها، وكأنه مسح وجودي للقسم الأكبر من القطاع ومؤشر الى قرار بتغيير معالمه التاريخية والجغرافية الى قطاع مختلف بالكامل عن الذي عرفه الفلسطينيون والعالم؟
ثالثًا: كيف يمكن حل مشكلة الاكتظاظ السكاني في المنطقة غير المحتلة (غرب الخط الأصفر)، والتي هي عمليًا مدمرة بشكل شبه كامل حاليًا؟ خاصة في مرحلة إعادة الإعمار والتي لا يبدو انها ميسرة او قريبة، لارتباطها بعدة شروط ومراحل، واغلبها تحتاج لتفسير ولتفاوض جديد، ومنها نفوذ وصلاحية مجلس السلام الذي يشرف عليه الرئيس ترامب، بالإضافة لمصير السلاح ولمهمات القوة الدولية وجنسية الأخيرة أيضًا، حيث تعارض "إسرائيل" وجود وحدات تركية ووحدات مصرية ضمنها.
في الواقع، واستنادًا إلى تجارب سابقة مع عدد كبير من قرارات مجلس الأمن الدولي، فيما خص فلسطين او فيما خص الكثير من النزاعات والحروب في دول أخرى، بالرغم من أن اغلبها (قرارات مجلس الأمن) كانت واضحة ولا تحمل اية تعقيدات مثل القرار ٣٨٠٣ الأخير حول غزة، وتعثر تطبيقها بالكامل، فهل يمكن ان يكون مصير هذا القرار الدولي المتعلق بغزة مختلفا؟.
ولماذا لا يمكن أن نعتبر الهدف منه فقط إيجاد مخرج لـ"إسرائيل" من ورطتها التاريخية في غزة بعد تحرير أسراها الأحياء والأموات؟.