خاص العهد
لبنان يدخل فصل الصيف متأخرًا.. ولا داعي للهلع من "موجة حرّ"
علي ماضي
يكثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن موجة حرّ ستجتاج لبنان، ويتبادل المواطنون أطراف الحديث حول كيفية بناء خطوط الدفاع المتفاوتة لمواجهة هذا المد الحراري القادم من خارج الحدود.
انتشار وسائل التواصل الاجتماعي يُسهم بشكل كبير في رفع مستوى التهويل، ويصبح وضع حركة المناخ في مكانها الطبيعي أمرًا مستهجنًا. الجميع لاحظ أن فصل الصيف هذا العام لم يحطّ على الأرض بكل قدراته الملتهبة، ولا زالت رحمة الله تعالى تغمر المواطن في بلدنا ولم يذق بعد كوارث الحرائق كالتي حصلت في كندا مثلًا منذ فترة قصيرة بسبب الحرارة.
حالة الرعب التي قد تولد لدى البعض ــ خصوصًا من احتمال نشوب حرائق ــ يبدّدها أهل العلم والاختصاص الذين يقطعون الطريق على الأوهام بأنّ الأيام المقبلة ستحمل غضب الطبيعة ليُصبح التفكير المنطقي بالأمور سبيلًا إلى الواقع الذي لا يدعو إلى الهلع. وفي هذا السياق، يؤكّد رئيس قسم التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية بمطار بيروت الدولي محمد كنج في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنه "لا يمكن أن نُطلق على ما يتحدّث عنه الناس تصنيف "موجة حرّ" بل هي مجرّد ارتفاع في درجات الحرارة فوق معدلاتها الطبيعية في هذا الوقت من السنة.
بحسب كنج تبدأ الحرارة الأربعاء بملامسة المعدلات، ثم تتجاوزها يوم الخميس، وستكون بدرجتين أو 3 درجات فوق المعدلات الطبيعية وليس أكثر، ويضيف "نحن الآن في شهر تموز وتعتبر درجات الحرارة مقبولة، اليوم ارتفعت الرطوبة قليلًا، حتى أنّ الأمطار هطلت أمس الأحد فوق بعض الجبال إضافة لزخات مطرية خفيفة في الشمال".
"من الأربعاء ستدخل علينا رياح حارة وجافة مصدرها شبه الجزيرة العربية، ستؤدي لارتفاع بدرجات الحرارة" يضيف كنج، جازمًا أن هذا الارتفاع طبيعي والتحاق بمعدلات الحرارة في شهر تموز. تلك الحرارة لن تتجاوز على الساحل 35 درجة مئوية نهارًا وسيكون تأثيرها أكثر على المناطق الداخلية.
ويلفت المسؤول في مصلحة الأرصاد الجويّة إلى أنّ المعدل الطبيعي للحرارة في شهر تموز على الساحل يكون عادة بين 24 و32 درجة، وفي بيروت لم تتجاوز الحرارة 30 أو 31 درجة، أي أننا لا زلنا دون المعدل الطبيعي.
أما في ما يخصّ التصنيف المتعلّق بـ"موجة الحرّ"، فهي لكي تكون كذلك ينبغي أن تتجاوز فيها درجات الحرارة المعدّل الأقصى بخمس درجات وأن تستمر على الأقل من يومين إلى ثلاثة أيام.
ويلفت كنج إلى أنّ ارتفاع الرطوبة على الساحل يؤدي للشعور بالحرارة أكثر، مثلًا: إن كانت الحرارة 30 والرطوبة 90، فالناس ستشعر بأن الحرارة 40 إلى حدود 45 درجة ما يشكّل عامل إرهاق للأشخاص، كذلك إن لم يكن هناك هامش في الحرارة بين الليل والنهار ولم تنخفض الحرارة في ساعات الليل وبقيت 26 أو 27 درجة فإن الأجسام لن ترتاح ليلًا لا سيما في الأزمة التي يعاني منها اللبنانيون مع عدم توفر الكهرباء لساعات طويلة وعدم وجود "تكييف" ما يؤثر على الناس ويشكل لها عامل تعب وإرهاق بسرعة أكثر لا سيما منهم كبار السن والأطفال ومن يعانون من أمراض مزمنة.
وإذ يُشير كنج إلى أنّ فصل الصيف تأخر هذا العام، ينوّه مجددًا إلى أننا دون معدلات الحرارة الطبيعية في شهر تموز لكننا سنتخطّاها الأربعاء والخميس لنلتحق حينها بفصل الصيف وبعدها ستكمل المعدلات الطبيعية للحرارة التي تكون عادة في هذا الشهر.
ولدى سؤاله عن الوقت المتوقّع لدى مصلحة الأرصاد الجوية، يُشير كنج إلى أن "التوقعات الأساسية تكون من خلال نشرة لمدة 4 أيام ويتم تصحيحها كل 12 ساعة، أي أنه كل 12 ساعة نعطي نشرة الـ48 ساعة المقبلة". كما أن هناك توقعات متوسطة المدى بحدود 10 أيام، مؤكدًا أنه خلال هذه الفترة لا وجود لـ"موجة حرّ"، وبحسب البيانات فإنّه خلال الأيام العشرة المقبلة سيكون هناك ارتفاع بالحرارة فقط فوق المعدلات، مضيفًا "لا يبدو أنّ هناك تلطيفًا للأجواء. الحرارة تعود لمعدلاتها الخاصة بشهر تموز إلى ما بعد يوم الأحد المقبل. وبهذا نكون قد اقتربنا من شهر آب الذي يتميّز بمعدلات أعلى (بين 26 و33 درجة)، وهو الأكثر حرارة خلال العام، وحيث عادة ما يكون قلب فصل الصيف محصورًا بين منتصف شهري تموز وآب".
تجدر الإشارة إلى أن درجات الحرارة التي ذكرها كنج هي في الظل والهواء وليست تحت أشعة الشمس حيث تكون الحرارة ــ بالطبع ــ أعلى.
ضرورة شرب كميات من الماء وتوخّي المرضى الحذر
وبما أن البشر هم أول المتضررين من هذا التغير في درجات الحرارة، ينبغي لهم أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهتها. ويشدد كنج على ضرورة عدم التعرض لأشعة الشمس القوية خاصة كبار السن لأن لا قدرة لديهم على التكيّف مع درجات الحرارة، فهم لا يشعرون بالعطش رغم حاجة أجسامهم للمياه، كذلك النساء الحوامل حيث تفقد أجسامهن الماء دون شعورهن بذلك عدا عن الأشخاص الذين يعانون من عوارض صحيّة خاصة تتطلب منهم شرب كميات إضافية من المياه.
كما يؤكد على عدم التعرض للحرارة في ساعات الذروة، أي بين الساعة العاشرة صباحًا حتى الثانية أو الثالثة من بعد الظهر حيث تكون الحرارة مؤذية للإنسان خلال هذه الساعات الأربع وهي الأشد حرارة خلال 14 ساعة من النهار.
تحذيرات من الحرائق
ولم يغب عن كنج التحذير من انتشار الحرائق، فالأعشاب يبست والأرض جفت وإن كان هناك بعض النشاط للهواء فهو يسهم في انتشار النيران لا سيما أن الناس تكثر في هذه الأيام من نشاطات التخييم في الطبيعة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مصدر النيران ليس ارتفاع درجات الحرارة بحدّ ذاته بل هو يشكل عاملاً مسهّلًا ومساعدًا لانتشار النيران التي قد يسببها البشر.
المياهالحرائقتغير المناخمصلحة الأرصاد الجويةفصل الصيفالحرارةمحمد كنج - مصلحة الأرصاد الجوية