طوفان الأقصى

منوعات ومجتمع

حرارة المحيطات تسجل أرقاما قياسية.. والخطر يتهدّد الحياة البحرية
19/08/2023

حرارة المحيطات تسجل أرقاما قياسية.. والخطر يتهدّد الحياة البحرية

رباب غملوش

لم تكن المحيطات أكثر دفئًا من قبل. فكل يوم منذ أواخر شهر آذار الماضي حتى كتابة هذه السطور، كان متوسط درجة حرارة سطح البحر في العالم أعلى بكثير من اليوم الذي سبقه. وما يثير القلق أنه ستكون هناك تأثيرات مضاعفة لهذا الارتفاع وفقًا لصحيفة "ناشيونال"، وإدارة المحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة.
 
فما هي أسباب ارتفاع حرارة المحيطات؟
 
كتب عالم المناخ في منظمة "بيركلي إيرث" زيك هاوسفاذر: "لدينا هنا بعض الأدلة على أن شيئًا استثنائيًا يحدث لدرجات حرارة سطح البحر في شمال المحيط الأطلسي. إذ لا تزال الدوافع المحددة لهذه الحالة الشاذة قيد التحقيق من قبل العلماء، لذا سيمضي بعض الوقت قبل أن نعرف على وجه اليقين ما الذي يدفع نحو هذه التطرفات الإقليمية".
 
وفيما يؤشر كلام إيرث الى أن العلماء لم يتمكنوا بعد من تحديد السبب المباشر لارتفاع حرارة المحيطات، يرجّح بعضهم تقييمات عدّة تتمثل بالآتي:

أولًا، القباب الحرارية والأعاصير المضادة مثل تلك التي تمركزت فوق قارات أمريكا الشمالية، أفريقيا وآسيا وأوروبا وجعلت من شهري تموز وآب الحالي الأكثر سخونة على الكوكب.

ثانيًا، ظاهرة النينيو وهي ارتفاع غير طبيعي في درجة حرارة مياه المحيط الهادئ الاستوائي والتي تغير أنماط الطقس حول العالم. إذ إن المحيطات الدافئة بشكل استثنائي تجعل موجات الحرارة أسوأ. ولهذا يقول خبراء الأرصاد إن هناك فرصة أكبر من 90% لاستمرار ظاهرة النينيو خلال الشتاء القادم.

ثالثًا، التغيّر المناخي الذي سببه الإنسان، كذلك الرياح الأضعف التي تحمل غبارًا أقل من الصحراء فوق المحيط الأطلسي.
 
ما علاقة ظاهر النينيو بارتفاع درجة حرارة المحيطات؟

استمر تسخين شرق ووسط المحيط الهادئ بالقرب من خط الاستواء منذ أن أعلنت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في امريكا (NOAA)، وصول ظاهرة النينيو في أوائل حزيران الماضي. تتراوح درجات حرارة سطح البحر بشكل عام بين 3 و4 درجات مئوية (5 إلى 7 درجات فهرنهايت)، وهي أعلى من المتوسط في شرق المحيط الهادئ، مع مناطق محلية تزيد عن 5 درجات مئوية (9 درجات فهرنهايت) فوق المتوسط قبالة سواحل بيرو والإكوادور.
 
دفعت المياه الساحلية الدافئة بشكل غير طبيعي، والتي ارتفعت بالفعل إلى حوالي 6 درجات مئوية (11 درجة فهرنهايت) فوق المعدل الطبيعي بحلول نيسان الماضي، خدمة الأرصاد الجوية الوطنية في بيرو لإصدار "تنبيه ساحلي لظاهرة النينيو" لأن هذه المياه الدافئة تقلل تجمعات الأسماك وتكثف الأمطار، مثل التي تسببت في حدوث فيضانات، وأجبرت المئات على النزوح في مقاطعة إسميرالدا في الإكوادور في أوائل حزيران الماضي.

ليس هذا فحسب، أدى تطور ظاهرة النينيو، الذي يرتبط عادةً بارتفاع درجات الحرارة العالمية ونوبات من الطقس المتطرف، إلى زيادة احتمالات أن يصبح هذا العام الأكثر دفئًا على كوكب الأرض. تميل ظاهرة النينيو أيضًا إلى الحد من نشاط الأعاصير في المحيط الأطلسي، على الرغم من أن مياه المحيط الدافئة للغاية هناك يمكن أن تبطل هذا التأثير.

ما هي التأثيرات المضاعفة للارتفاع الهائل لحرارة المحيط؟

تُعد الحرارة أحد المحرّكات الأساسية في دورة الحياة، إذ إنها تؤثر على الطبيعة الأم والبيئة المحيطة التي من شأنها أن تدير حياة وتجدد سائر الكائنات الحية، وهذا ما نراه في علم البيئة ecology وتجمُّعات الكائنات community. ولكنّ أي تغيير يطرأ على الحرارة، كما نشهد في وقتنا الرّاهن، يؤدي إلى إضطرابات وحرائق، كذلك تأثيرات على المحيطات والبحار.

وتبعا لذلك، تؤثر الموجات الحرارية على 44% من المحيطات في العالم، إذ إن 10% فقط من مياه المحيطات نموذجية، بالإضافة إلى تأثيرها على الحياة البحرية والمدن الساحلية على المستوى البيئي والاقتصادي.

اكثر من ذلك، تجعل المحيطات الدافئة بشكل استثنائي موجات الحرارة أسوأ، وتعطل الحياة البحرية وتدمر الشعاب المرجانية بنسبة قد تصل الى 100% (جنوب ماراثون في فلوريدا كيز نموذجا). كما أنها تعمل على تكثيف الحرائق (وآخرها في جزر ولاية هاواي الامريكي، والتي وصفت بالموجة الأكثر فتكاً في الولايات المتحدة منذ قرن) وتفجّر الفيضانات من خلال زيادة درجات حرارة الأرض.
 
ما هي أكثر المناطق تضررًا من الحرارة؟

سجل شمال الأطلسي ارتفاعًا يوميًا قياسيًا في الحرارة منذ أوائل آذار. اللافت أن المنطقة القريبة من بريطانيا قبالة ساحل نيوفاوندلاند في امريكا، ارتفعت درجة حرارتها في شهر تموز الماضي، بين 5 و10 درجات مئوية (9 إلى 18 درجة فهرنهايت) فوق المعدل الطبيعي. وهذه المياه شديدة الحرارة يمكن أن تغذي عواصف أقوى في وقت لاحق من هذا الصيف والخريف المقبل.

بالمقابل صُدم العلماء عندما ارتفعت درجات حرارة المحيطات حول جزر فلوريدا كيز إلى منتصف التسعينات في أوائل تموز، إذ تم تسجيل درجة حرارة 101.1 درجة فهرنهايت، وهي أكثر سخونة من حوض الاستحمام الساخن.

وفي السياق ذاته، شهدت اليابان الشهر الماضي حرارة قياسية مصحوبة بأمطار غير معهودة، وفيضانات مميتة. ولهذا كتب عالم المناخ ماكسيميليانو هيريرا في تغريدة على منصة X: "مئات الأرقام القياسية تراجعت حتى الآن في اليابان وستسقط مئات أخرى". واضاف ان ما نعيشه هو "واحدة من أسوأ موجات الحر في تاريخ اليابان".
 
ماذا عن الشرق الاوسط؟

بالمثل سجل البحر الأبيض المتوسط ارتفاعًا في متوسط درجة حرارة سطح البحر، وصلت الى 28.7 درجة مئوية، وهي أعلى درجة حرارة لسطح البحر على الإطلاق وفقًا لمعهد العلوم البحرية في إسبانيا.
 
ما تجدر معرفته هنا أن درجة حرارة المياه عبر البحر الأبيض المتوسط ارتفعت بسرعة منذ أوائل تموز، وسط حرارة قياسية في معظم جنوب أوروبا. وشملت درجات الحرارة الدافئة للغاية 118.4 درجة فهرنهايت (48 درجة مئوية) في شهر تموز، في جزيرة سردينيا الإيطالية وهي أعلى درجة حرارة في أوروبا.
 
في الختام، لا يمكن التّساهل في مسألة ارتفاع الحرارة لأنّ نتائجها كارثية على الحياة الإنسانية والبيئية على السّواء. هذا ما يجعلنا مسؤولين عن هذا الخلل المناخي بسبب عبث الانسان في الطبيعة عندما أساء استخدام مصادرها ودمّر نظامها البيئي.

الطقسالمناختغير المناخ

إقرأ المزيد في: منوعات ومجتمع

التغطية الإخبارية



 

مقالات مرتبطة