معركة أولي البأس

 

منوعات ومجتمع

المياه العذبة في خطر والاستهلاك المفرط يهدد مليار شخص
08/09/2023

المياه العذبة في خطر والاستهلاك المفرط يهدد مليار شخص

زينب سكافي

عامًا بعد عام، تتراجع نسبة المتساقطات في القارات الخمس، وذلك بالتزامن مع ازدياد موجات الحرّ والتغيرات الطارئة على المناخ العالمي التي أدّت، بدورها، إلى تراجع الوفرة في المياه الضرورية لمجموعة متنوعة من القطاعات الحياتية مثل الزراعة والصناعة والخدمات وغيرها.
 
ووفقًا لأبحاث حديثة، من المتوقع أن تؤدي زيادة عدد السكان وارتفاع درجات الحرارة إلى تفاقم الضغط على إمدادات المياه العذبة في العالم على مدى الثلاثين عامًا المقبلة. وهذا يشكل تهديدًا لتوفر المياه الصالحة للشرب واستخدامها في مجالات الخدمة وزراعة الأغذية.

ماذا تقول الأرقام عن ندرة المياه في المستقبل؟ وما هي أسباب هذا التناقص؟

في الواقع، أظهر تحليل للبيانات الجديدة من معهد الموارد العالمية (WRI) أنه بحلول عام 2050، سيزداد عدد السكان في المناطق القاحلة والتي تعاني من إجهاد مائي مرتفع بنحو مليار شخص إضافي، وهذا يأتي خاصةً مع استهلاك ما لا يقل عن 40% من موارد المياه المتجددة سنوياً. وإضافة إلى ذلك، يعيش حاليًا خمس سكان العالم، 3.3 مليار شخص، في تلك المناطق المعرضة لهذه التحديات.

وبما أن الإجهاد المائي يعتبر مقياسًا لمدى الطلب على إمدادات المياه المتاحة في أي منطقة، فالنتيجة تعني بالتالي أن المزيد من الناس يتنافسون على المياه.
من هنا، استخدم معهد الموارد العالمية نموذجًا هيدرولوجيًا عالميًا لتقدير كيفية تغير مصادر المياه المتجددة - مثل الأنهار والبحيرات، التي تتجدد من خلال هطول الأمطار - في ظل سيناريوهات تغير المناخ المستقبلية. ووفقًا لتحليلهم، يعمل تغير المناخ على تبدّل أنماط هطول الأمطار التقليدية، مما يجعل المناطق أكثر جفافًا ويقلل من إمدادات المياه الشحيحة بالفعل. لذا من المتوقع أن يؤدي النمو السكاني والاستخدام الصناعي للمياه إلى زيادة الطلب.
 
ما هي أبرز المناطق التي تعاني من ندرة المياه حول العالم؟

في الحقيقة، تقع خمسة من البلدان الستة الأكثر معاناة من الإجهاد المائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

بدورها تعاني منطقة جنوب آسيا المنطقة الأكثر كثافة سكانية، من الإجهاد المائي، لا سيما أنه مع استمرار النمو السكاني فيها، سيستمر الطلب على المياه في الارتفاع.
وفي أسبانيا، حيث تُستخدم نصف مساحة الأراضي الإسبانية للزراعة، فقد تسبب الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة بتلف المحاصيل. كما أن مستويات الخزانات في المنطقة الشمالية الشرقية من اقليم كاتالونيا منخفضة للغاية، لدرجة أن بعض البلديات تقوم بنقل المياه بالشاحنات للتأكد من أن السكان لديهم ما يكفي للحياة اليومية.

أما في الولايات المتحدة الأميركية، فتستخدم ولايات أريزونا ونيو مكسيكو وكولورادو ونبراسكا وكاليفورنيا وأيداهو، كميات أكبر من المياه التي تتلقاها كل عام، مما يستنزف احتياطات المياه الجوفية لدعم الاستخدام الزراعي والصناعي.

وبناء على ما تقدم، يأخذ تحليل معهد الموارد العالمية في الاعتبار المياه السطحية، وليس مخزونات المياه الجوفية التي يتم استغلالها عندما تجف البحيرات والأنهار والخزانات.

بالمقابل، ومع ان العديد من المناطق الريفية، تستخرج المياه الجوفية لمياه الشرب ويعتمد عليها المزارعون في جميع أنحاء العالم لأغراض الري، لكن هذه  المياه الجوفية تتجدد في كثير من الأحيان، بشكل أبطأ بكثير من المياه السطحية.

ما هي الأسباب التي تؤدي إلى استهلاك المياه بشكل كبير؟

في الواقع، إذا كان هناك نقص في المياه السطحية، فغالبًا ما يلجأ الناس إلى المياه الجوفية، والتي يمكن أن تستنزف بسرعة. وتعقيبًا على ذلك، قالت تشارلز آيسلاند مديرة مبادرات المياه العذبة في برنامج الأغذية والأراضي والمياه التابع لمعهد الموارد العالمية: "المزيد من الناس يطلبون المزيد من المياه، لكن كل شخص أيضًا يطلب المزيد من المياه عندما يصبح أكثر ثراءً"، وأضافت "بالتالي، عندما تصبح أكثر ثراء، فإنك تنتقل من نظام غذائي يعتمد على الحبوب والخضراوات إلى نظام غذائي يركز أكثر على اللحوم".

من جهة ثانية، تستهلك الزراعة 70 بالمائة من استخدام المياه كل عام، وهي تتأثر بشدة بالتغيرات في هطول الأمطار. وحتى لو كانت المنطقة تحصل على نفس متوسط كمية الأمطار والثلوج، فقد أصبحت حالات الجفاف والفيضانات أكثر شيوعًا. لهذه الغاية، إن عدم هطول الأمطار بشكل متساوٍ خلال موسم النمو، له تأثير على اعتماد المزارعين على سقي المحاصيل مما يزيد الحاجة إلى تخزين المياه والري.

وتبعًا لذلك، تشير بعض التقديرات الى أن زراعة وإطعام بقرة لإنتاج رطل واحد من لحم البقر يتطلب ما يصل إلى 1800 غالون من الماء، أي ما يقرب من ثمانية أضعاف كمية الماء الموجودة في الخضراوات، و20 مرة، كمية المياه التي تحتويها الحبوب مثل القمح والذرة.

إضافة إلى الاستعمالات المنزلية والزراعية، يعد الماء أيضًا جزءًا لا يتجزأ من استخراج الليثيوم والمعادن الأخرى المستخدمة في بطاريات السيارات الكهربائية والبنية التحتية للطاقة المتجددة. غالبًا ما توجد هذه المعادن المهمة في الأماكن القاحلة مثل تشيلي، التي تعاني بالفعل من نقص المياه.  
 
ماذا عن الحلول؟

بما أن الزراعة تمثل الجزء الأكبر من استخدام المياه على مستوى العالم، يقول الخبراء إن الرشاشات الاقتصادية الدقيقة، والري بالتنقيط بدلاً من الغمر، يعد حلاً مهمًا.
أيضًا، يمكن للمدن تطوير البنى التحتية لتجميع وإعادة استخدام جريان مياه الأمطار، وإصلاح التسربات في شبكات المياه البلدية وتشجيع كفاءة استخدام المياه.

المياهالمناخ

إقرأ المزيد في: منوعات ومجتمع

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة