إيران
اهتمّت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الاثنين 03 تشرين ثاني/نوفمبر 2025 بتحليل الإستراتيجيات المعتمدة من قبل الدول الفاعلة في المنطقة ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية لتثبيت هيمنتها والاستمرار بسياسات الضغط القصوى التي تعتمدها، هذا كله في ظل مساعٍ مستمرة لإعادة مسار التفاوض مع الجمهورية الإسلامية في إيران.
إستراتيجية واحدة عظيمة وعشرات الإستراتيجيات المضلّلة
بداية، كتبت صحيفة "رسالت": "إن السياسة الخارجية الأميركية تجاه غرب آسيا ليست، خلافًا للاعتقاد السائد، مجموعة من الإجراءات المنعزلة والمتناقضة؛ بل هي إطار إستراتيجي واحد هدفه النهائي إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة من خلال تفتيت وتفكيك القوى القائمة.
وتابعت "لطالما كان تحليل السياسة الخارجية الأميركية في غرب آسيا أمرًا صعبًا، إذ غالبًا ما تبدو قرارات البلاد متناقضة وغير متوقعة. إن الدعم المتزامن للقوات الكردية في العراق وسورية، مع الحفاظ على العلاقات الإستراتيجية مع تركيا (عضو في حلف الناتو)، أو تبني نهج مختلفة ظاهريًا تجاه دول المنطقة في ظل حكومات مختلفة، هي أمثلة على هذه التناقضات الواضحة. ومع ذلك، من خلال تجاهل التفاصيل التكتيكية والتركيز على الأهداف الإستراتيجية الكلية، يمكن تحديد نمط مركزي: إستراتيجية التفتيت الإقليمي".
بحسب الصحيفة، تسعى هذه الإستراتيجية، المتجذّرة في نظريات المذاهب الجيوسياسية في القرن الحادي والعشرين، إلى استبدال الدول القومية القوية والمستقلة بهياكل طائفية هشة تعتمد على القوى الأجنبية.
وقالت إن "الإستراتيجية الرئيسية للسياسة الخارجية الأميركية في غرب آسيا، والتي استندت منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وخاصة بعد ظهور موجة المحافظين الجدد، هي التفتيت الإقليمي. وتستند هذه الإستراتيجية إلى افتراض أن الدول القومية الموحدة والقوية هي العقبة الرئيسية أمام نفوذ وأمن الولايات المتحدة وحلفائها. لذلك، تركز الإستراتيجية الأساسية على إضعاف وتفتيت وخلق دول ضعيفة متورطة في صراعات داخلية أو إقليمية".
ووفق الصحيفة، يتمثّل الخطر الأكبر على المحللين المحليين في الانحراف عن الإستراتيجية الرئيسية إلى إستراتيجيات فرعية. فإذا انصب التركيز فقط على التناقضات الظاهرة للتكتيكات، فإن المحلل يفشل في فهم الهدف النهائي. غالبًا ما تركز التحليلات السطحية على سبب انسحاب حكومة (مثل إدارة بايدن أو ترامب) من اتفاقية معينة أو انضمامها إليها. وغالبًا ما تُفسر هذه الاختلافات التكتيكية الداخلية (مثل التغييرات في السياسة التجارية أو العقوبات) على أنها علامات على فشل أو تحول في السياسة الأميركية بشكل عام. في حين أن هذه الاختلافات تتعلق أكثر بكيفية إدارة الأزمات مؤقتًا أو الاستجابة للضغوط الداخلية على الولايات المتحدة للحفاظ على صورة مختلفة، بدلًا من تحول في الهدف الرئيسي المتمثل في التقسيم والسيطرة الإقليمية، فإن دور الجهات الفاعلة الإقليمية التي تستخدمها الولايات المتحدة كمحفزات يخدم هذه الإستراتيجية الرئيسية بالكامل. قد تكون هذه المحفزات جهات فاعلة رسمية (دول)، أو جهات فاعلة غير رسمية (ميليشيات أو أحزاب سياسية)، أو حتّى مؤسسات دولية تعمل على إضعاف الهياكل القائمة. أي جهة فاعلة تسعى لإضعاف بنية دولة أو خلق انقسام هوية/أيديولوجي في المنطقة، سواء بقصد مباشر أو بغير قصد، تلعب دورًا في إكمال هذا اللغز".
تجارة الدم
بدورها، كتبت صحيفة "وطن أمروز": "بينما تحتفل الإمارات العربية المتحدة بالذكرى الرابعة والخمسين لتوحيد الإمارات السبع وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، لم يكن لدى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس هذه الإمارات السبع أثناء تشكيل هذه الدولة بدعم من بريطانيا ونظرًا للاختلافات الجوهرية بين حكام الإمارات السبع، أمل كبير في الحفاظ على سلامة هذه الإمارة على المدى الطويل واتّخذ خطوات نحو الحفاظ على تماسك الإمارات السبع من خلال تطبيق نظام اتحادي في هذه الإمارة. إن الثروة النفطية الضخمة لدولة الإمارات العربية المتحدة وتحويل إمارة دبي إلى مركز استثمار في المنطقة، إلى جانب إنشاء موانئ كبيرة في البلاد وتحويل الإمارات إلى مركز بحري في المنطقة، حولت تلك الدولة تدريجيًا إلى قوة فعالة في المنطقة".
وأضافت "تماشيًا مع طموحات قطر والمملكة العربية السعودية في لعب دورٍ كقوةٍ إقليميةٍ والتأثير على المجتمعات المحيطة، اتّخذ أبناء الشيخ زايد خطواتٍ نحو تحقيق تطلعاتهم بالاعتماد على عنصري تعزيز التنمية الاقتصادية وإنشاء مناطق نفوذ، لا سيما في الأراضي المتصلة بالبحار (للحفاظ على التفوق البحري لدولة الإمارات العربية المتحدة في المنطقة ومنع تقويض النفوذ غير المتنازع عليه لموانئ دبي والشارقة وجبل علي).
وقد زادت الفظائع الأخيرة في مدينة الفاشر السودانية، على يد قوات الرد السريع بقيادة حميدتي، من حدة المخاوف بشأن سياسات أبو ظبي الطموحة في المنطقة. وتُعتبر حكومة الإمارات العربية المتحدة أكبر داعمٍ دوليٍ لقوات الدعم السريع. منذ انهيار حكومة البشير في الخرطوم، اتّخذ محمد بن زايد خطواتٍ نحو النفوذ الهدام في السودان. ومع ذلك، فإن نطاق تدخلات الإماراتيين في المنطقة وتشكيلهم لميليشياتٍ لتحقيق أهداف أبو ظبي لا يقتصر على السودان، فقد اتّخذت حكومة الإمارات خطواتٍ موازيةً نحو تعزيز حلفائها في جميع أنحاء المنطقة على مدار العقد الماضي على الأقل. إن الجرائم المرتكبة بدعم الإماراتيين في العالم العربي، وخاصةً دور هذا النظام في دعم سياسات الكيان الصهيوني في الضفّة الغربية وقطاع غزّة، دفعت بعض المستخدمين في العالم العربي إلى وصف الإمارات العربية المتحدة بشيطان العرب".
الصحيفة أشارت الى أنه "بخلاف حكومة قطر، التي لعبت دور الأب الروحي لحركة الإخوان المسلمين في المنطقة، والمعروفة بدعمها لحركة حماس في قطاع غزّة والضفّة الغربية، أصبحت معارضة حركة الإخوان أهم ركائز السياسة الخارجية لأبو ظبي، خاصة بعد الثورات العربية على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية. وقد وُصفت حكومة الإمارات بأنها من أكبر أعداء حكومة محمد مرسي، حاكم مصر السابق، وداعمة لانقلاب عبد الفتاح السيسي".
وخلصت الى أن "السياسة الإماراتية في الأراضي المحتلة تقوم على التعاون مع النظام الصهيوني في قمع الجماعات الجهادية المتمركزة في الضفّة الغربية وقطاع غزّة. وبالتوازي مع وقف إطلاق النار في غزّة، تقوم السياسة الرئيسية لمجلس الوزراء الأمني "الإسرائيلي" على دعم الجماعات الإجرامية في قطاع غزّة، مثل جماعة أبو الشباب وبقايا حركة فتح قبل سيطرة حماس على القطاع".
التكهنات والغموض حول تبادل الرسائل
أمّا صحيفة "مردم سالاري" فكتبت: " تصاعدت التكهنات حول نموذج التحركات الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة عبر قنوات وسيطة. ورغم أن موقف الجهاز الدبلوماسي يقوم على رفض أي تبادل للرسائل، إلا أن المتحدث باسم الحكومة يؤكد ذلك صراحةً.
وأردفت "يبدو أن الأجواء الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة في حالة ترقب تام. لا إيران ولا الولايات المتحدة ترغبان في التراجع عن مواقفهما. لا شك أن حرب الأيام الاثني عشر، ونوع الدعم الأميركي ل"إسرائيل"، وفي نهاية المطاف غزو القاذفات الأميركية للمواقع النووية الإيرانية، وفي نهاية المطاف إعادة فرض العقوبات، تُعتبر ضربات قاضية للدبلوماسية في القضية النووية الإيرانية، لكن الدبلوماسية دائمًا ما تصبح مسارًا ضيقًا للسيطرة على الوضع في ذروة التوتر".
بحسب "مردم سالاري" ، في الوقت الذي ازدادت فيه التعاملات الدبلوماسية بين طهران ومسقط، دعا السلطان الوسيط إلى استئناف المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. من جانب آخر، يقول القطريون أيضًا إنهم يسعون إلى لعب دور في السيطرة على مستوى التوتر. في غضون ذلك، أصبحت القاهرة قناة اتّصال خاصة لإيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. بالتوازي مع جميع مؤشرات تزايد النشاط الدبلوماسي، صرّح السيد عباس عراقتشي، في مقابلة مع قناة الجزيرة، بأن إيران مستعدة للتفاوض لتهدئة المخاوف بشأن برنامجها النووي، وهي واثقة من سلمية هذا البرنامج، مؤكدةً إمكانية التوصل إلى اتفاق عادل.
الخلاصة تتابع الصحيفة، هي أن هذه المساحة تتيح للطرف المقابل المزيد من إمكانيات المناورة لزيادة مستوى الضغط من خلال تكثيف شروط المجتمع. في العمليات الدبلوماسية، تُعدّ اللعبة الإعلامية عنصرًا خاصًا ومؤثرًا، إذ تخلق، من خلال إضفاء طابع اجتماعي على المفاوضات، وضعًا خاصًا.
وقد أظهرت إيران عدم استعدادها للتراجع عن مواقفها بشأن حق طهران في الوصول إلى القوّة النووية السلمية تحت أي ظرف من الظروف. في المقابل، تسعى واشنطن إلى تكثيف الضغوط القصوى. بالتزامن مع الرسالة غير المباشرة من الولايات المتحدة عبر عُمان لاستئناف المفاوضات، يتوجه جون هيرلي، وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، إلى الشرق الأوسط؛ في رحلة تشمل الأراضي المحتلة والإمارات العربية المتحدة وتركيا ولبنان.
وختمت "يمكن القول إن اللعبة القديمة نفسها قد استؤنفت. بالتزامن مع تصاعد مستوى الضغط، تتّجه الأطراف نحو المفاوضات".