إيران
اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الثلاثاء (18 تشرين الثاني/نوفمبر 2025) بالضغط الأقصى المستمر من الغرب، والمتمثل بالولايات المتحدة الأميركية والترويكا الأوروبية، والتي تظهر بشكل أساسي في قضية الملف النووي في ظل المعايير المزدوجة الغربية في التعامل معه. كما اهتمت بقضايا متعلقة بالشأن المحلي؛ لا سيما الوضع الاقتصادي الصعب في إيران.
معايير الغرب المزدوجة في الملف النووي
كتبت صحيفة "وطن أمروز": "يُبرز الاختبار الأميركي الأخير لقنبلة نووية حرارية، وإن كانت من دون رأس نووي، مرة أخرى السياسة الرسمية لواشنطن المتمثلة في التطوير السري والحظر العلني. إذ على الرغم من امتلاكها أكبر ترسانة نووية في العالم، تواصل الولايات المتحدة اختبار وتطوير أسلحة جديدة. لكنها في المقابل، وتحت أعلى مستويات الضغط السياسي والإعلامي والعقوبات، تمنع دولًا مثل إيران من الوصول إلى التقنيات النووية السلمية"، مشيرةً إلى أن: "هذا التناقض هو الأساس الرئيس لأزمة الثقة في العلاقات الدولية، وخاصة في الملف النووي الإيراني".
من ناحية أخرى، أوضحت الصحيفة أن تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير، والذي زعم فيه أن الولايات المتحدة تمتلك ما يكفي من الأسلحة النووية لتدمير الكوكب 150 مرة، يكشف "عمق التفكير الخطير للتيارات المحرضة على الحرب في واشنطن. وهذا الادعاء لا يفتقر إلى المنطق الاستراتيجي فحسب، يُظهر أيضًا أن بعض السياسيين الأمريكيين ما يزالون يفتقرون إلى فهم أساسي للعواقب العالمية للحرب النووية، فتدمير الكوكب يعني أيضًا تدمير أمريكا نفسها؛ ولكن يبدو أن الأمريكيين يعيشون في مكان ما خارج الأرض، هذه النظرة التبسيطية هي التي تُعرّض العالم لقراراتٍ مغامرة".
من جهة ثانية، قالت الصحيفة: "هناك إيران؛ وهي دولةٌ، خلافًا للتصورات الغربية، تُعارض إنتاج واستخدام الأسلحة النووية من حيث المبدأ والفقه منذ بداية الثورة الإسلامية، وتعده محرمًا. إيران ليست مجرد رائدة في نزع السلاح الإقليمي، بل أعلنت في جميع وثائقها الرسمية أن برنامجها النووي سلمي تمامًا، ويركز على مجالات الطب والزراعة والطاقة النظيفة وتلبية احتياجات البنية التحتية للبلاد. مع ذلك، ومنذ أكثر من عقدين، تحاول الولايات المتحدة، إلى جانب ثلاث دول أوروبية هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، عرقلة تقدم إيران في هذه المجالات بذريعة منع إنتاج قنبلة ذرية".
كما أكدت أن سياسة الضغط الأقصى التي ينتهجها الغرب تُعدّ "أداةً للحد من القوة الوطنية الإيرانية بدلًا من معالجة المخاوف الأمنية. وقد دفع هذا الأطراف الغربية إلى طرح مطالب غير ذات صلة خلال المفاوضات النووية، بدءًا من الحد من قدرات إيران الصاروخية وصولًا إلى الدعوة إلى وقف دعم جبهة المقاومة، وحتى تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني، تُظهر هذه المطالب أن القضية النووية ليست سوى أداة ضغط للغرب، وليست مصدر قلق حقيقي"، لافتة إلى أن النظام الصهيوني يمتلك، وفقًا لتقارير المؤسسات الدولية، عشرات الرؤوس النووية، ولكنه ليس عضوًا في معاهدة حظر الانتشار النووي ولا يسمح بالتفتيش الدولي، يقف على الجانب الآخر. وتابعت: "أن وجود مثل هذه الترسانة، في قلب غرب آسيا، يُشكل تهديدًا حقيقيًا للسلام الإقليمي، إلا أن الولايات المتحدة وأوروبا تدعمانه بصمتٍ مُبهم لسنوات، ويكشف هذا الصمت، أكثر من أي شيء آخر، عن الطبيعة المزدوجة للسياسة النووية الغربية".
الحرب أغلقت ملف المفاوضات ماذا ستقدمون للشعب؟
من جانبها، ركزت صحيفة كيهان، في عددها اليوم، على الضغط الأقصى الذي يمارسه الغرب في المسألة النووية، فقالت: "اليوم، وبعد أربعة عقود من الضغط الأقصى والعقوبات المتتالية، تواصل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مسيرتها نحو الكرامة والسيادة. لقد أظهرت التجربة المريرة للاتفاق النووي وتفجير طاولة المفاوضات في حزيران/يونيو من هذا العام أن الغرب، ديمقراطيًا كان أم جمهوريًا، غير جدير بالثقة، وأن أي مفاوضات مع الولايات المتحدة ليست سوى مسرحية وخداع. في ظل هذه الظروف، فإن مناورات من يدّعون الإصلاحيين في المفاوضات والتهميش السياسي تُضيّع الفرص وتُهمّش القضايا الحقيقية للشعب".
تابعت الصحيفة: "بينما يسعى الغرب (أمريكا وأوروبا) إلى إجبار الجمهورية الإسلامية الإيرانية على التراجع من خلال إحياء أساليب الضغط والتهديد البالية، أثبتت التطورات الميدانية مجددًا أن عصر الدبلوماسية الخادعة قد ولّى، وأن لغة القوة وحدها هي التي تدفع الغرب إلى الوراء. في الواقع، في ظلّ هذه الظروف التي تُجبر البلاد، وعلى رأسها الحكومة، على اتخاذ موقف حرب شامل ضدّ استراتيجية العدوّ العدوانية وتعزيز اللحمة الوطنية، ما يزال الإصلاحيون يُكرّرون مواقفهم المبتذلة والفاشلة؛ الصيغ الفاسدة نفسها التي لم تُسفر إلا عن خسائر للشعب في خطة العمل الشاملة المشتركة وسنوات من الثقة بالغرب، فبدلاً من الحديث عن مشكلات معيشية وتجاهل سجلّ الحكومات التي تحميها وتجارب الماضي المريرة، ما تزال هذه الحركة تدقّ طبول المفاوضات؛ وذلك في وقتٍ قصف فيه الغرب طاولة المفاوضات".
في السياق، أكدت الصحيفة أن الأوروبيين أثبتوا "باستغلالهم الوقت وتجاهلهم التزاماتهم، والولايات المتحدة، بخروجها من دون حساب، أن الثقة بوعود الغرب ليست سوى سراب. ورغم الدعاية المبالغ فيها، لم يكن الاتفاق النووي معجزة ولا حلاً للمشكلات، بل تجربة مريرة ومكلفة لإيران؛ تجربة لا ينبغي محوها من ذاكرة الأمة. من ناحية أخرى، لم يُنس أنه خلال المفاوضات مع الولايات المتحدة من هذا العام، وخمس جولات من المحادثات غير المباشرة في مسقط وروما، لم تفشل فحسب في التوصل إلى أي اتفاق، بل اندلعت حرب استمرت 12 يومًا".
إدارة الطاقة المتكاملة
في المقابل، كتبت صحيفة "إيران": "في مثل هذه الظروف، حيث خلقت اختلالات الطاقة في مختلف القطاعات تحديات، أصبحت الحاجة إلى نظام طاقة شامل أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ منظمة يمكنها مراقبة جميع المعلومات المتعلقة باستهلاك الطاقة وتوزيعها وتدفقها في جميع أنحاء البلاد في الوقت الفعلي". ولفتت الصحيفة إلى أن: "إحدى أكثر النقاط حساسية في سياسة الطاقة في إيران هي قضية تهريب الوقود؛ وهي قضية لا يمكن حلها، من وجهة نظر العديد من الخبراء، إلا بشفافية البيانات، عندما يكون الفرق في أسعار الوقود داخل البلاد وخارجها عشرات المرات، فمن الطبيعي أن تستغل شبكات الربح هذا الوضع"، موضحةً أنّه "يشار إلى أنه يتم تهريب ما بين 20 إلى 30 مليون لترًا من الوقود يوميًا، وأكد أن عدم وجود نظام مراقبة مفصل قد تسبب في بقاء هذا الرقم تقديرًا عامًا. ويرى أنه إذا فعّل نظام لمراقبة المعلومات في منظمة تحسين الطاقة والإدارة الاستراتيجية، فيمكن تحديد الفجوة بين معدل التوزيع ومعدل الاستهلاك الفعلي بسهولة، وستكشف هذه الفجوة عن المبلغ الدقيق للتهريب؛ خطوة قد تكشف عن مسارات خفية لتهريب الوقود".
كما أكدت أن: "إنشاء مرجعية واحدة لجمع البيانات وتحليلها يُمكن أن يُعزز الشفافية والتنسيق بين القطاعات وكفاءة استخدام الموارد. لذلك، يتطلب التقدم في هذا الاتجاه مزيجًا من وضع السياسات الذكية، والرصد الفوري للبيانات والإدارة العلمية، ليس فقط لضمان استهلاك طاقة البلاد على النحو الأمثل، بل أيضًا لتحديد مسارات هدر الموارد وإدارتها بشكل واقعي".